الذهن وإن كان في غاية الصفاء ، ولنسمّ ذلك متشابها ، وذلك مثل اسم النور الواقع على الضوء الذي يدرك بحاسة البصر من الشمس والنار والواقع على العقل الذي به يهتدي في الغوامض ولا مشاركة بين حقيقة ذات العقل والضوء إلا كمشاركة السماء للإنسان في كونه جسما ، إذ الجسمية فيهما لا تختلف البتّة مع أنه ذاتي لهما ويقرب من لفظ النور لفظ الحي على النبات والحيوان ، فإنه بالاشتراك المحض ، إذ يراد به من النبات المعنى الذي به نماؤه ويراد به من الحيوان المعنى الذي به يحسّ ويتحرك بالإرادة وإطلاقه على الباري جلّ وعلا إذا تأملت عرفت بأنه لوجه ثالث يخالف الأمرين جميعا. وأمثال هذه ينابيع الأغاليط وسأشرحه زيادة شرح في اللواحق عند حصر مدارك الغلط في القياس.
(مغلطة أخرى) قد تلتبس المتباينة بالمترادفة وذلك مهما أطلقت أسامي مختلفة على شيء ولكن باعتبارات مختلفة ربما ظنّ أنها مترادفة كالسيف والمهنّد والصارم ، فإن المهنّد يدلّ على السيف مع زيادة نسبة إلى الهند ، يخالف إذا مفهومه مفهوم السيف والصارم والصارم يدلّ على السيف مع صفة الحدّة والقطع ، لا كالليث والأسد فإن ثبت أن الليث يدلّ على صفة ليست في الأسد التحق بالمتباينة ولم يكن مع المترادفة ، وهذا كما أنا في اصطلاحاتنا النظرية نفتكر إلى تبديل الأسامي على شيء واحد عند تبديل اعتباراته ، كما إنا نسمّي العلم التصديقي الذي هو نسبة بين مفردين دعوى إذا تحدّى به المتحدّي ولم يكن عليه برهان وكان في مقابلة القائل خصم فإن لم يكن في مقابلته خصم سمّيناه قضية لأنه قضى على شيء بشيء ، فإن خاض في ترتيب قياس الدليل عليه سمّيناه نتيجة ، فإن استعمله دليلا في طلب أمر آخر ورتّبه في أجزاء قياس سمّيناه مقدمة وهذا ونظائره مما يذكر كثير.
(مغلطة أخرى) المشترك في الأصل هو الاسم الذي يعبّر به عن مسمّيين لا يكون موضوعا لأحدهما ومستعارا منه للآخر أو منقولا منه إلى الآخر بل لا يكون أحدهما بأن يجعل أصلا والآخر منقولا إليه أو مستعارا منه