وجه لو قدّر عدمها لبطل وجود الشجر والفرس وما يجري هذا المجرى.
ولا بدّ من إدراجه في حدّ الشيء فمن يحدّ النبات يلزمه أن يقول إنه جسم نامي لا محالة.
وأما الالتزام : فما لا يفارق الذات البتة ولكن فهم الحقيقة والماهية غير موقوف عليه ، كوقوع الظل لشخص الفرس والنبات عند طلوع الشمس. فإن هذا أمر لازم لا يتصور أن يفارق وجوده عند من يعبّر عن مجاري العادات باللزوم ويعتقده ، ولكنه من توابع الذات ولوازمه وليس بذاتي له ، وأعني به أن فهم كنه حقيقته غير موقوف على فهم ذلك ، بل الغافل عن وقوع الظل يفهم الفرس والنبات بل الجسم الذي هو أعم منه ، ولم يخطر بباله ذلك ، وكذلك كون الأرض مخلوقة وصف لازم للأرض لا تتصور مفارقته لها ، ولكن فهم الأرض غير موقوف على كونها مخلوقة فقد يدرك حقيقة الأرض والسماء من لم يدرك بعد أنهما مخلوقتان. فإنا نعلم أولا حقيقة الجسمية ثم نطلب بالدليل كونه مخلوقا ولم يمكنا أن نعلم السماء والأرض ما لم نعلم الجسم.
وأما العارض : فأعني به ما ليس من ضرورته أن يلازم بل تتصور مفارقته إما سريعا كحمرة الخجل أو بطيئا كصفرة الذهب ، وربما لا يزول في الوجود كزرقة العواد وسواد الزنجي ، ولكن يمكن رفعه في الوهم. وأما كون الأرض مخلوقة وكون الجسم الكثيف ذا ظل مانع نور الشمس فلازم لا تتصور مفارقته. ومن مثارات الأغاليط الكثيرة التباس اللازم التابع بالذاتي فإنهما مشتركان في استحالة المفارقة واستقصاؤه في هذه العجالة غير ممكن البتة.
التقسيم الثالث : إن المعاني باعتبار أسبابها المدركة لها ثلاثة محسوسة ومتخيلة ومعقولة. ولنصطلح على تسمية سبب الإدراك قوة فنقول في حدقتك معنى تتميّز به الحدقة عن الجبهة حتى صرت تبصر به ، وإذا بطل ذلك من الأعمى بطل الإبصار ، والحالة التي تدركها عند الإبصار شرطها