بالحرارة والنار بالرطوبة فواجب أن يضاد الأرض بالكيفيتين جميعا / وهي الرطوبة والحرارة فتكون الأرض باردة يابسة لانه إن ضادها بأحد الكيفيتين كانت الأرض إما نارا او ماء فإن كانت الأجسام أكثر من أربعة وجب أن تكون المضادة أكثر من اثنين وذلك أنه واجب أن يكون للمضادة الواحدة جسمان ، وللإثنين أربع. وكلما زاد جسم زادت مضادة ووجد في كل واحد منهما مضادة واحدة فلنضع ان جسما خامسا يضاد الأرض بالسواد والبياض على أن يكون السواد في الأرض والبياض في ذلك الجسم وإذا كان ذلك كذلك فذلك الجسم يوافق الأرض في البرودة واليبوسة فهو أبيض بارد يابس والأرض سوداء باردة يابسة ولان الأرض توافق كل واحدة من الثلاثة بما ضادت به ذلك الجسم الخامس فكلها موجود فيها السواد فيكون النار يضاد ذلك الجسم الخامس بالسواد والبياض. فمن هنا يظن أنه إن كانت الأطراف متناهية ومحدودة انه ليس يمكن الا تتغير الأطراف بعضها إلى بعض. وسواء كان المبدأ هو أحد المتوسطات أو أحد الأطراف فيلزم ضرورة أن يكون بعضها من بعض دورا. فإن قال قائل انه قد يمكن ان يكون التغير من بعضها إلى بعض على استقامة (١) ولا يعود التكون دورا ، مثل أن تتغير الأرض إلى الهواء والهواء إلى الماء والماء إلى النار والنار إلى جسم خامس والخامس إلى سادس وكذلك إلى غير نهاية من غير أن ينعطف ويعود دورا ، فقد يلزمه أن يكون ذلك الجسم الخامس وذلك السادس أو أي جسم أشرنا إليه يعود فيتغير من الذي قبله بالبرهان المقدم. لكن لننزل انه لم يتبين
__________________
١ ـ ورقة ساقطة من مخطوط مودينا.