والفراغ ليس شيئا إن كان موجودا إلا أنه موضع للجسم ، وإذا كان كل موضع فله [جسم مساو وكل جسم فله موضع] مساو وكل خلاء فله جسم مساو له ، كذلك الثقب اجسام مساوية. فإن قالوا أنها من الصغر بحيث لا يمكن أن تقبل جسما كان هذا مما يضحك منه وهو أن يكون من لا يجوز وجود خلاء مفارق كبيرا أن يجوز وجوده صغيرا. وبالجملة فالقول بالثقب لا معنى له لانه إن كان لا يهب الجسم الانفعال فلا معنى للثقب ، وإن قبلها فالثقب لا معنى لها. فقد تبين من هذا ان القول بالثقب اما أن يكون كاذبا وإما الا يكون سببا للانفعال بالذات ، وذلك أنه لمّا كان الانفعال إنما يكون عندهم بالانقسام [فإن كانت تقبل الانقسام] بكليتها فلا معنى للثقب وإن لم يكن يقبل الانقسام فالثقب أيضا عبث.
٢٣ ـ قال :
وإذ قد تبين بطلان ما قالوه (١) في الفعل والانفعال فنحن مخبرون بالوجه الذي / يجري عليه الامر في ذلك وواضعين له المبدأ الذي قد وضعناه مرارا كثيرة ، وهو أن الأشياء لما كانت مركبة من هيولى وصورة ، كان بعضها بالقوة شيئا ما وهو المنفعل ، وبعضها بالفعل ذلك [الشيء بعينه ، وهو الفاعل وإذا كان ذلك] كذلك ، فليس سبب الانفعال شيئا الا كون المنفعل قابلا للشيء الفاعل. وليس يمكن أن يكون المنفعل من جهة ما هو / منفعل بالقوة قابلا بجزء غير قابل
_________________
١ ـ قالوه (منّي) ؛ قاله : ب ، م. أ