فبعث المأمون الى الامام يقول له : انه قد كلفه شططا وانه ما كان يحب ان يتعبه ويطلب منه : ان يصلي بالناس من كان يصلي بهم.
فدعا الامام الرضا عليه السلام بخفه فلبسه ورجع.
واختلف امر الناس في ذلك اليوم ولم ينتظم في صلاتهم ...) (١).
ولقد قال البحري يصف هذه الحادثة والظاهر انه يمين بن معاوية العائشي الشاعر على ما في تاج العروس :
ذكروا بطلعتك النبي فهللوا |
|
لما طلعت من الصفوف وكبروا |
حتى انتهيت الى المصلى لابسا |
|
نور الهدى يبدو عليك فيظهر |
ومشيت مشية خاشع متواضع |
|
لله لا يزهى ولا يتكبر |
ولو إن مشتاقا تكلف غير ما |
|
في وسعه لمشى اليك المنبر (٢) |
نلاحظ هنا : ان شأن هذه الواقعة هو شأن واقعة نيشابور من حيث دلالتها دلالة قاطعة على كل ما كان للامام الرضا عليه السلام من عظمة وتقدير في نفوس الناس وقلوبهم وعلى مدى اتساع القاعدة الشعبية له مما جعل المأمون يفكر مباشرة بارجاع الامام عليه السلام رغم المخاطرة التي لم تكن لتخفى على المأمون واشياعه حيث لابد وان يثير تصرفه هذا حنق تلك الجماهير التي كانت في قمة الهيجان العاطفي ويؤكد كراهيتها له ..
ثم .. نرى ان الامام عليه السلام وبعد ما فرض واصر المأمون على
_________________
(١) الحياة السياسية للامام الرضا (ع) ص ٣٥٣.
(٢) (ولعل الشعر للبحتري) راجع تعليقة الحياة السياسية للامام الرضا (ع) ص ٣٥٥.