وقد جاء فى المخففة فى الوقف ، لكنه أقل من المشددة ، وذلك أيضا لبيان الياء فى الوقف ، وقد جاء من الياء المخففة فى غير الوقف ، قال :
١٨٣ ـ *حتى إذا ما أمسجت وأمسجا (١)*
أى : أمسيت وأمسى ، فلما أبدلت الياء جيما لم ينقلب ألفا ، ولم يسقط للساكنين ، كالياء فى أمست وأمسى ، وفى قوله «فى الياء المخففة أشذ» دلالة على أن ذلك فى المشددة شاذ ، وإنما كان فى المخففة أقل لأن الجيم أنسب بالياء المشددة ، كما قلنا ، وإنما كان فى نحو أمسجت أشذّ لأن الأصل أن يبدل في الوقف لبيان الياء ، والياء فى مثله ليس بموقوف عليه.
قال : «والصّاد من السّين الّتى بعدها غين أو خاء أو قاف أو طاء جوازا ، نحو أصبغ ، وصلخ ، ومسّ صقر ، وصراط»
أقول : اعلم أن هذه الحروف مجهورة مستعلية ، والسين مهموس مستفل ؛ فكرهوا الخروج منه إلى هذه الحروف ؛ لثقله ، فأبداوا من السين صادا ، لأنها توافق السين فى الهمس والصفير ، وتوافق هذه الحروف فى الاستعلاء ؛ فتجانس الصوت بعد القلب ، وهذا العمل شبيه بالإمالة فى تقريب الصوت بعضه من بعض ، فإن تأخرت السين عن هذه الحروف لم يسغ فيها من الإبدال ما ساغ وهى متقدمة ؛ لأنها إذا تأخرت كان المتكلم منحدرا بالصوت من عال ، ولا يثقل ذلك ثقل التصعّد من منخفض ، فلا تقول فى قست : قصت ، وهذه الحروف تجوّز القلب : متصلة بالسين كانت كصقر ، أو منفصلة بحرف نحو صلخ ، أو بحرفين أو ثلاثة
__________________
(١) هذا بيت من الرجز المشطور لم نعثر له على نسبة إلى قائل ولا على سابق أو لاحق ، ونسبه بعض العلماء إلى العجاج ، وقد اختلفوا فى الضمير فى قوله «أمسجت وأمسجا» فقيل : هما عائدان إلى أتان وعير ، وقيل : هما عائدان إلى نعامة وظليم ، والاستشهاد فى قوله «أمسجت وأمسجا» حيث أبدل الياء المخففة جيما فى غير الوقف ، قال فى اللسان : «أبدل مكان الياء حرفا جلدا شبيها بها ، لتصح له القافية والوزن» ا ه