ولم يأت فى كلام العرب كلمة أولها ياء مكسورة كما جاء ما أوله واو مضمومة إلا يسار لغة فى يسار لليد اليسرى ، ويقاظ جمع يقظان.
وربما فروا من اجتماع الواوين فى أول الكلمة بقلب أولاهما تاء كما فى توراة وتولج (١) ، وهو قليل ، كما يفر من واو واحدة فى أول الكلمة بقلبها تاء نحو تراث (٢) وتقوى*
«وتقلبان تاء فى نحو اتّعد واتّسر ، بخلاف ايتزر»
أقول : اعلم أن التاء قريبة من الواو فى المخرج ، لكون التاء من أصول الثنايا ، والواو من الشفتين ، ويجمعهما (٣) الهمس ، فتقع التاء بدلا منها كثيرا ،
__________________
وإذا كانت محتملة لهذا الوجه وهو وجه لا شذوذ فيه سقط الاستدلال بها على ما ذكره ، وقد قرىء قوله تعالى : (لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً)
(١) التولج : كناس الوحش ، والمكان الذى تلج فيه ، وأصله وولج ـ بزنة كوثر ـ من الولوج
(٢) التراث : المال الموروث ، وانظر (ج ١ ص ٢٠٧ ـ ٢١٦)
(٣) مفاد كلام المؤلف أن الواو من الحروف المهموسة ، وليس كذلك ؛ لأن حروف الهمس هى المجموعة فى قولهم : حثه شخص فسكت ، وليست الواو منها ؛ بل هى من الحروف المجهورة ، ولذلك علل غيره من النحاة بغير هذا التعليل ؛ قال ابن يعيش (ح ١٠ ص ٣٧): «ولما رأوا مصيرهم إلى تغيرها (يريد الواو) بتغير أحوال ما قبلها ؛ قلبوها إلى التاء ؛ لأنها حرف جلد قوى لا يتغير بتغير أحوال ما قبله ، وهو قريب المخرج من الواو ، وفيه همس مناسب لين الواو» ا ه. وقال أبو الحسن الأشمونى فى شرحه للألفية عند قول ابن مالك
ذو اللّين فاتا فى افتعال أبدلا |
|
وشذّ فى ذى الهمز نحو ائتكلا |
: «أى إذا كان فاء الافتعال حرف لين : يعنى واوا أو ياء ، وجب فى اللغة الفصحى إبدالها تاء فيه وفى فروعه من الفعل واسمى الفاعل والمفعول لعسر النطق