أهل الحجاز ، ولا سيما قريش ، روى عن أمير المؤمنين على رضى الله تعالى عنه : نزل القرآن بلسان قريش ، وليسوا بأصحاب نبر (١) ، ولو لا أن جبرائيل عليهالسلام نزل بالهمزة على النبى صلى الله تعالى عليه وسلم ما همزنا ، وحققها غيرهم ، والتحقيق هو الأصل كسائر الحروف ، والتخفيف استحسان.
فنقول : إذا خففت فإما أن تكون ساكنة أو متحركة ، وهذه قسمة حاصرة ، فالساكنة تبدل بحرف جركة ما قبلها ، إذ حرف العلة أخف منها ، وخاصة حرف علة ما قبل الهمزة من جنسه ، وحركة ما قبلها إما أن تكون فى كلمة الهمزة أولا ، وفى الأول إما أن تكون الهمزة فى الوسط كرأس وبئر ومؤمن ، أو فى الآخر كلم يقرأ ولم يردؤ ولم يقرىء ، وفى الثانى فى نحو (الْهُدَى ائْتِنا) و (الَّذِي اؤْتُمِنَ) و (يَقُولُ ائْذَنْ) وإنما لم تجعل بين بين إذ لا حركة لها حتى تجعل بينها وبين حرف حركتها ، ولم تحذف لأنها إنما تحذف بعد إلقاء حركتها على ما قبلها لتكون دليلا عليها ، والحركة إنما تلقى على الساكن ، لا على المتحرك.
قال : «والمتحرّكة إن كان قبلها ساكن وهو واو أو ياء زائدتان لغير الإلحاق قلبت إليها وأدغمت فيها ، كخطيّة ومقروّة وأفيّس ، وقولهم التزم فى نبىّ وبريّة ، غير صحيح ، ولكنّه كثير ، وإن كان ألفا فبين بين المشهور ، وإن كان حرفا صحيحا أو معتلّا غير ذلك نقلت حركتها إليه وحذفت ، نحو مسلة ، وخب ، وشى ، وسو ، وجيل ، وحوبة ، وأبو يّوب ، وذو مرهمّ ، واتّبعى مره ، وقاضوبيك ؛ وقد جاء باب شىء وسوء مدغما أيضا ،
__________________
(١) النبر : الهمز ، ومصدر نبر الحرف ينبره نبرا إذا همزه ، وفى الحديث : قال رجل للنبى صلىاللهعليهوسلم : يا نبىء الله ، فقال : لا تنبر باسمى : أى لا تهمز ، وفى رواية فقال : أنا معشر قريش لا ننبر