مستثقلة لنزولها فى الحلق فكيف بهما مجتمعين مع تنافرهما؟ إذ العين مجهورة والهاء مهموسة ، فطلبوا حرفا مناسبا لهما أخف منهما ، وهو الحاء : أما كونه أخف فلأنه أعلى منهما فى الحلق ، ولذلك كثر نحو محّ (١) ودحّ (٢) وزحّ (٣) بخلاف دعّ وكعّ وكهّ وقهّ ، وأما مناسبته للعين فلأنهما من وسط الحلق ، وأما الهاء فبالهمس والرخاوة ؛ فلذا قلب بعض بنى تميم العين والهاء حاءين وأدغم أحدهما فى الآخر نحو محّم ومحّاؤلاء ، فى معهم ومع هؤلاء ، والأكثر ترك القلب والإدغام لعروض اجتماعهما ، وكذا قولك ستّ أصله سدس ، بدلالة التسديس وبين الدال والسين تقارب فى المخرج ؛ لأن كليهما من طرف اللسان ، فلو قلب ، الدال سينا كما هو القياس اجتمع ثلاث سينات ، ولا يجوز قلب السين دالا خوفا من زوال فضيلة الصفير ، ومع تقارب الدال والسين فى المخرج بينهما تنافر فى الصفة ؛ لأن الدال مجهورة شديدة والسين مهموسة رخوة ، فتقاربهما داع إلى ترك اجتماعهما مظهرين ، وكذا تنافرهما وقلب أحدهما إلى الآخر ممتنع ، كما مر ، فلم يبق إلا قلبهما إلى حرف يناسبهما ، وهو التاء ؛ لأنها من مخرج الدال ومثل السين فى الهمس
قال : «ولا يدغم منها فى كلمة ما يؤدّى إلى لبس بتركيب آخر ، نحو وطد ووتد وشاة زنماء ، ومن ثمّ لم يقولوا : وطدا ولا وتدا ، بل قالوا : طدة وتدة لما يلزم من ثقل أو لبس ، بخلاف نحو امّحى واطّيّر ، وجاء ودّ فى وتد فى تميم»
__________________
(١) مح الثوب : كنصر وضرب ـ : بلى
(٢) الدح : الدس والنكاح ، وهو أيضا الدفع فى القفا
(٣) تقول : زحه يزحه ـ كمده يمده ـ ؛ إذا نحاه عن موضعه ودفعه وجذبه فى عجلة