قال : «الخط تصوير اللّفظ بحروف هجائه إلّا أسماء الحروف إذا قصد بها المسمّى ، نحو قولك : اكتب جيم ، عين ، فا ، را ، فإنّك تكتب هذه الصّورة (جعفر) لأنّها مسمّاها خطّا ولفظا ، ولذلك قال الخليل لمّا سألهم كيف تنطقون بالجيم من جعفر فقالوا : جيم ، فقال : إنّما نطقتم بالاسم ولم تنطقوا بالمسئول عنه ، والجواب جه ؛ لأنه المسمّى ، فإن سمّى بها مسمّى آخر كتبت كغيرها نحو ياسين وحاميم ، وفى المصحف على أصلها على الوجهين ، نحو يس وحم»
أقول : حق كل لفظ أن يكتب بحروف هجائه : أى بحروف الهجاء التى ركب ذلك اللفظ منها إن كان مركبا ، وإلا فبحرف هجائه : سواء كان المراد باللفظ ما يصح كتابته كأسماء حروف التهجى نحو ألف با تا ثا جيم ، وكلفظ الشعر والقرآن ونحو ذلك ، أو ما لا يصح كتابته كزيد والرجل والضرب واليوم وغيرها ، وكذا كان حق حروف أسماء التهجى فى فواتح السور ، لكنها لا تكتب بحروف هجائها ؛ بل تكتب كذا (ن وَالْقَلَمِ) ، (ق وَالْقُرْآنِ) ولا يكتب (نون والقلم) ولعل ذلك لما توهم السفرة (١) الأول للمصاحف أن هذه الأسماء عبارة عن الأعداد كما روى عن بعضهم أن هذه الأسماء كنايات عن أعمار قوم وآجال آخرين ، وذلك أن أسماء حروف التهجى قد تصوّر مسمياتها إذا قصد التخفيف فى الكتابة ، نحو قولهم : كلّ ج ب ، وكذا كتابتهم نحو قولهم : الكلمات ثلاث : ا الاسم ، ب الفعل ، ج الحرف ؛ فعلى هذا فى قوله «إلا أسماء الحروف إذا قصد بها المسمى» نظر ؛ لأن تلك الأسماء مع قصد المسمى تكتب بحروف هجائها أيضا ، ألا ترى أنه تكتب هكذا : اكتب جيم عين فاء راء ، ولا تكتب
__________________
(١) السفرة ـ بفتحات ـ جمع سافر ، وهو اسم دال على النسب ، ومعناه صاحب السفر ، وهو الكتاب الكبير ، وقد يراد منه الكاتب