قال : «الفاء : تقلب الواو همزة لزوما فى نحو أواصل وأو يصل ، والأول ؛ إذا تحرّكت الثّانية ، بخلاف وورى ، وجوازا فى نحو أجوه وأورى ، وقال المازنىّ : وفى نحو إشاح ، والتزموه فى الأولى حملا على الاول ، وأما أناة وأحد وأسماء فعلى غير القياس».
أقول : اعلم أنهم استثقلوا اجتماع المثلين فى أول الكلمة ، فلذلك قل نحو ببروددن ، فالواوان إذا وقعتا فى الصدر ـ والواو أثقل حروف العلة ـ قلبت أولاهما همزة وجوبا ، إلا إذا كانت الثانية مدة منقلبة عن حرف زائد ، نحو وورى فى وارى ؛ فانه لا يجب قلب الأولى همزة ؛ لعروض الثانية من جهتين : من جهة الزيادة ، ومن جهة انقلابها عن الألف ، ولكون المد مخففا لبعض الثقل ، وإن لم تكن الثانية مدة : سواء كانت منقلبة عن حرف زائد كأواصل وأو يصل ، أو غير منقلبة عنه كأوعد على جورب من وعد ، وكذا إن كانت مدة لكنها غير منقلبة عن شىء كما تقول من وعد على وزن طومار (١) : أو عاد ، وجب قلب الأولى همزة ، وكذا إذا كانت الثانية منقلبة عن حرف أصلى ، كما قال الخليل فى فعل من وأيت مخففا : أوى (٢) ومن ذلك مذهب الكوفية فى أولى ، فان أصله عندهم وؤلى ، ثم وولى
__________________
الياء واوا لتسلم الضمة؟ ذهب سيبويه إلى الأول والأخفش إلى الثانى ، وسيأتى هذا الخلاف مبوسطا ومعللا فى كلام المؤلف فى هذا الباب ، فقول المؤلف «ويجوز عند سيبويه أن يكون أصل جيم فعلا ـ بضم الفاء ـ وفعلا ـ بكسرها ـ خلافا للأخفش» معناه أنه يتعين على قول الأخفش أن تكون على فعل ـ بالكسر ـ إذ لو كانت فعلا ـ بالضم ـ لوجب عنده قلب الياء واوا ؛ فكان يقال : جوم ، وأما على مذهب سيبويه فيجوز أن تكون الكسرة أصلية ؛ فهو فعل ـ بالكسر ـ ويجوز أن تكون الكسرة منقلبة عن ضمة فأصله فعل ـ بالضم ـ
(١) الطومار : الصحيفة. وانظر (ح ١ ص ١٩٨ ، ٢١٧)
(٢) أصل أوى وؤى ـ كقفل ـ ثم خفف بقلب همزته الساكنة واوا كما تخفف سؤلا : فصار وويا ؛ فاجتمع واوان فى أول الكلمة فوجب قلب أولاهما همزة.