بل يتجافى ناحيتها مستدقّ اللسان ، ولا تعترضان الصوت ، بل تخليان طريقه ، ويخرج الصوت من تينك الناحيتين ، وإنما سمى الراء مكررا لأن طرف اللسان إذا تكلم به كأنه يتعثر : أى يقوم فيعثر ؛ للتكرير الذى فيه ، ولذلك كانت حركته كحركتين ، كما تبين فى باب الإمالة (١) ، ومعنى الهاوى ذو الهواء كما ذكرنا ، وإنما سمى التاء مهتوتا لأن الهتّ سرد الكلام على سرعة ، فهو حرف خفيف لا يصعب التكلم به على سرعة.
قال : «ومتى قصد إدغام أحد المتقاربين فلا بدّ من القلب ، والقياس قلب الأوّل إلّا لعارض فى نحو اذبحتّودا واذبحّاذه ، وفى جملة من تاء الافتعال لنحوه ولكثرة تغيّرها ، ومحّم فى معهم ضعيف ، وستّ أصله سدس شاذّ لازم»
أقول : شرع فى بيان إدغام المتقاربة بعضها فى بعض ، وقدم مقدمة يعرف بها كيفية إدغامها ، ثم ذكر مقدمة أخرى يعرف بها ما لم يجز إدغامه منها فى مقاربه ، وهى قوله «ولا يدغم منها فى كلمة» إلى قوله «فالهاء فى الحاء» إنما كان القياس قلب الأول إلى الثانى دون العكس لأن الادغام تغيير الحرف الأول بايصاله إلى الثانى وجعله معه كحرف واحد ، فلما كان لا بد للأول من التغيير بعد صيرورة المتقاربين مثلين ابتدأت بتغييره بالقلب
قوله «إلا لعارض» اعلم أنه قد يعرض ما يمنع من القياس المذكور ، وهو شيئان :
أحدهما : كون الأول أخف من الثانى ، وهو إما فى حرفين حلقيين أولهما أعلى من الثانى ، وذلك إذا قصد إدغام الحاء إما فى العين أو فى الهاء فقط ، ولا يدغم حلقىّ فى حلقى آخر أدخل منه كما يجىء ، وإنما أدغمت الحاء فى أحد الحرفين مع أن حروف الحلق يقل فيها الإدغام ـ كما يجىء ـ لثقلها ؛ فلهذا قلّ المضاعف منها كما
__________________
(١) انظر (ص ٢٠ من هذا الجزء)