ويغتفر الجمود ـ أيضا ـ فى نحو : «خط هذا الثّوب قميصا» ، و «ابر هذه القصبة قلما» ، ومثله قوله ـ تعالى ـ : (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً) [الأعراف : ٧٤] وهى حال مقدرة.
ذكر ذلك الزمخشرى فى الكشاف (١) ، وهو من جيد كلامه.
واختلف فى الحال المتوسط بينه وبين حال بعده آخر أفعل التفضيل كقولى :
... أحمد طفلا أجلّ من على |
|
كهلا ... |
فقال بعضهم : العامل فيه مقدر. وقال بعضهم : العامل فيه «أفعل» وهو الصحيح ؛ لأنه وإن ضعف بالنسبة إلى اسم الفاعل ، فقد قوى بالنسبة إلى العامل الظرفى ، وقد تقدم الحال عليه كقراءة من قرأ : والسماوات مطويت بيمينه [الزمر : ٦٧] ـ بنصب مطويات ـ فتقدمها على أفعل التفضيل أولى ؛ لأنه متضمن لمعنى الفعل ، وحروفه ، بخلاف العامل الظرفى ؛ فإنه متضمن لمعنى الفعل دون حروفه.
ومن تقدم الحال على العامل الظرفى قول الشاعر : [من الكامل]
رهط ابن كوز محقبى أدراعهم |
|
فيهم ورهط ربيعة بن حذار (٢) |
(ص)
والحال إن عرّف لفظا فاعتقد |
|
تنكيره معنى كـ (وحدك اجتهد) |
و (أسرعوا خمستهم) قد نقلا |
|
بالنّصب حالا ، وبرفع بدلا |
(ش) حق الحال أن يكون نكرة.
فإن وقعت معرفة فى اللفظ أولت بنكرة ، ومثال ذلك : «اجتهد وحدك» أى : منفردا. و «أرسلها العراك» أى : معتركة. و «جاءوا الجمّاء الغفير» أى : جميعا.
وروى فى نحو : «جاءوا خمستهم» : النصب على الحال ، والرفع على البدل من الواو.
__________________
(١) قال الزمخشرى : «فإن قلت : علام انتصب (بيوتا)؟ قلت : كما تقول : خط هذا الثوب قميصا ، وابر هذه القصبة قلما ، وهى من الحال المقدرة ؛ لأن الجبل لا يكون بيتا فى حال النحت ...
ينظر : الكشاف : ٢ / ١٢٢.
(٢) البيت للنابغة الذبيانى فى ديوانه ص ٥٥ ، وجمهرة اللغة ص ٨٢٥ ، وشرح عمدة الحافظ ص ٤٤٧ ـ ٥٥٧ ، والمقاصد النحوية ٣ / ١٧٠ ، وبلا نسبة فى شرح الأشمونى ١ / ٢٥٢.