صوت المتنفذين وصارت الأموال غير مصونة ، والطرق مختلة فالعراق أصابه انحلال واختلال لم ير مثلهما في عصوره الماضية. فعزل هذا الوالي.
وجاء في مرآة الزوراء :
«إن نامق باشا عهدت إليه إيالة بغداد ومشيرية فيلق العراق ، فترك المشار إليه راحته ليل نهار ، وسعى جهده لمصالح الإيالة وتدبير أمورها ، وتنسيق إدارتها. قام بذلك بنفسه ، فاتصل بالإصلاح من أصله .. ولكنه من جراء التداوي المتوالي قد بدت فيه الأمراض المكتومة ، والعلل العارضة ، فظهرت القلاقل ، وتوالت المحن .. نهض أهل الشقاوة من كل صوب ، فتوالت إقداماته وبرزت العلائم المبشرة بقرب التنظيم والتوجيه .. إلا أن ذلك أدى إلى أن رجال الدولة صاروا لا يرون بقاءه فعزل ..» اه (١).
وقال الأستاذ الآلوسي :
«وكنت سمعت عن والي باشا في الاجه خان خبرا يتلوّن تلوّن الحرباء في قبوله الأذهان وهو عزل الوزير ، الذي لحضرة السلطان حسن ظن به ، والمشير الذي لا يستشير سوى غضبه ، ذي المهابة التي حفظت بغداد عن أن تنتهبها يد أهل البغي والفساد وصدت مفسد العشائر عن تخريب المنابر والمناير ، عالي الهمة محمد نامق باشا ، زاده الله تعالى بالأنظار الخاقانية انتعاشا ، ونصب الوزير الذي ندر مثله فيمن استوزر والمشير الذي فخر عقله بما انطبع فيه على مرآة الإسكندر ، حضرة ذي العزم الجلي ، رشيد باشا الشهير بالگوزلگلي ، فلم يطمئن قلبي بهذا الخبر ، وحسبت راويته جاء بالصقر والبقر ، حيث إن الوالي الأول من
__________________
(١) مرآة الزوراء ص ١٣٦.