هناك ، وكان يعد من دهاة العالم في عصره في فنّ الإدارة الملكية ، وله آراء صائبة .. وفي أيام نامق باشا قامت الثورات والاضطرابات من جراء شدة بطشه ، وكمال صولته ، فعرض وهن على الإدارة واعتراها خلل .. فاتخذ طريق الصفح ، ومراعاة الحكمة في الأمور ..
وهذا الوزير راعى كل حيطة ، وأدرك أحوال العراق ، وعرفها معرفة كاملة وهدأ الحالة كما يرام ، ونظم الأمور .. وشمر عن ساعد الجد في أمر إعمار الملك وتكثير وارد الخزانة ، واهتم للأمر وأخذ له أهبته ، فتوسعت الواردات ، واكتسبت مالية الدولة ترتيبا نوعا ، ووفّى الديون المتراكمة ، وغالب رواتب الفيلق ، وأحيا بعض المقاطعات المندرسة من أيام علي رضا باشا اللاز ، وبذل ما أمكنه في أمر إنعاشها. واستمرت أشغاله هذه ليلا ونهارا لمدة أربع سنوات. وكان المأمول أنه سوف يدرك نتائج أعماله هذه وتظهر آثارها وظواهرها .. إلا أنه اخترمته المنية ، وانقضى أجله المحتوم ..» اه (١).
قام بما يعود لحكومته بالنفع .. ولم يلاحظ أن الموظف المتعصب يضر بالأهلين. ولعل سبب ذلك ما قاله صاحب التاريخ المجهول من التشديد على الأهلين وأبو الثناء الآلوسي يذكر ما تألم به منه في الطريق ، ويقول : لا يميز قدر فضل.
اليهود في أيامه
«من أهم من يصح ذكرهم آل دانيال وهم صالح دانيال وإخوته ، تقدموا عنده ، وكانوا في أيام الشيخ وادي شيخ قبائل زبيد يضمنون بعض الأراضي والبقية يشترونها بالسلف قبل أوان الشلب وحلول موسمه ..
وفي أيام هذا الوزير أيضا قويت كلمتهم ، وامتزجوا معه امتزاج
__________________
(١) مرآة الزوراء ص ١٣٧.