البداوة .. فالعسكر ذهب أولا إلى الدغارة وعفك ، وكان موجود الفوج (٣٨٠) نفرا ، فنصب خيامه بجانب بستان إلا أن الجيش لم يحترس ولم يتخذ الاحتياطات اللازمة ولم يلتفت إلى أن مزارع الشلب تعرقل الحركات العسكرية. لم يشعروا بالخطر .. أما العربان فهم متيقظون لمثل تلك الأوضاع والاستفادة منها ..
يضاف إلى ذلك أن أصل المدينين بالأموال الأميرية هم الشيوخ والرؤساء ، فأثاروهم وتمكنوا من جمع نحو ثمانية آلاف أو عشرة آلاف ، فأحاطوا بالجيش من كل صوب ، وقطعوا عنه الماء ، تصدى الفريقان للحرب والدفاع ، ودامت الوقائع الوبيلة مدة ثلاثة أيام بلياليها ، وبقي الجيش بلا ماء. أصابه العطش ، ونفدت أعتدته الحربية ، ولم يبق لديه ما يتمكن من الدفاع به ..
وفي هذه المعارك قتل الزعيم والمتصرف والمقدم ، وأكثر الضباط والأفراد وتفرق الباقون ، فوقعوا في أيدي العربان .. فكان من نتائج ذلك أن أظهر سائر القبائل العصيان ، وقطعت الأسلاك البرقية ، مما دعا أن يجهز مدحت باشا الفريق سامح باشا بجيش يبلغ بضعة أفواج كما أنه ألحق بهم ما كان في بعض المواطن مما أمكن أخذه فضمهم إليهم ..
وهكذا أوعز إلى متصرف المنتفق ناصر باشا المعيّن أخيرا ، وإلى أخيه منصور باشا وفي هذه الحالة أراد ناصر باشا أن يبدي صدقه وإخلاصه ، وأن يقوم بما يرضي الدولة بشوق ونشاط .. فلما وصل إليه كتاب مدحت باشا نهض بأربعة آلاف خيّال ، فجاء إلى الديوانية ، فاتصل بسامح باشا ووحّدوا جهودهم ..
هذا ، والقوة العسكرية المحتشدة في الديوانية كانت سبعة أفواج من المشاة ، وكتيبة خيالة نظامية وأربعة آلاف خيال من المنتفق وأكثر من ١٥٠٠ من خيالة الكرد والچچن مع مدافع وعتاد حربية ومعدات أخرى