كانون الأول (١). كما أن ناصر باشا رجع إلى المنتفق (٢) ..
هذا ، وأعتقد أن الواقعة مبالغ فيها ولم تكن بهذه الدرجة إلا أن الحكومة كانت في ضعف وأن الأشخاص الذين قتلوا ، والفوج الذي قضى عليه قد فتّ في عضد الحكومة ، وأن المقاومة كانت كبيرة .. وإلا فلا نرى ذكرا للعشائر الأخرى ، فلم يعين شخص منهم .. ويصح أن يكونوا قد ساعدوا القوم في الخفاء .. ولكن اقتدار مدحت باشا أظهر القضية بهذا الوجه ليبدي أنه قام بعمل كبير ، وأعلنها لحكومته بهذه الصورة ليبرز عظمة ما تمّ ، وليغطي أمر ما وقع .. فكأن الغائلة عالمية أو هناك خطر حاق بالعراق فأنقذه منه ..
ومن الغريب أن نرى الأستاذ سليمان فائق قد جعل سبب هذه الفتنة ناصر باشا في حين أن مدحت باشا هو الذي دعاه وكان يثني عليه وعلى أخيه منصور باشا بما تقدم الكلام عليه. ولو أننا رأينا (علي حيدر بك) يكتب هذه الواقعة في أعمال والده ويستند إلى مراجعها الصحيحة الرسمية ومذكرات والده لكان للأستاذ العذر. أوضح أن ما صرف من مبالغ وما قتل من نفوس كان بسبب من ناصر باشا في حين أن الحكومة حاولت جباية الميري ، فحرك رؤساء العشائر الفتنة فاشتعلت.
وعدّ الأستاذ سليمان فائق أن هذه الواقعة مما أثر في الوالي لما طرأ فيها من حالات فصار يحتاط أكثر مما يجب ، فلم يستطع أن يقوم بالخدمات المطلوبة منه وعدّ من جملة ذلك أمر لواء المنتفق ، يريد أن يتحرك الوالي على ناصر باشا بعد أن قام بما قام به من مساعدة وما فعل من الخدمات الجليلة في (واقعة الدغارة) فيغضبه ويجعل العراق في نار مشتعلة والحكومة في عداء للكل ، فلم تبق على صاحب في حين أنها
__________________
(١) تبصره عبرت ص ٨٠.
(٢) رسالة المنتفق.