كتاب عشائر العراق كما علمنا ما جاورها من عشائر الحلة مما أوضحناه في كتاب عشائر العراق الريفية المجلد الثالث.
عشائر الحلة والديوانية :
من هؤلاء الدغارة ، وعفك ، والبو سلطان والجبور بعد تلك الواقعة قد خلدوا للسكينة .. وزاولوا زراعة الأرضين ، وعين لكل محله ومكان زرعه .. إلا أن عشيرة البو سلطان فرقة البو جاسم منهم قد قتلوا رئيسهم الشيخ هنديا ، وأن هذه العشائر ـ كما هو المعتاد ـ لا يراجع أحد من ورثة المقتول الحكومة لاستيفاء حقه. وإنما يركنون إلى قوتهم وسلاحهم للانتقام .. ومن ثم قام هؤلاء ، ومن يمتّ إليهم ، وكذا العشائر التي يعولون عليها فصاروا يطالبون بدم المقتول .. فلما علمت الحكومة أن من واجبها صيانة الأمن والأخذ بالحق ، وأنها لا تجوز أن يركن كل إلى قوة ساعده .. أفهمت ذلك للورثة والقائمين .. أما القاتل وأقاربه فقد مالوا إلى حرز منيع من دخالة على القبائل الأخرى. أودعوا أموالهم وهربوا إلى البادية .. ولما كانت الدخالة حماية للجاني طلب إلى أولئك أن يجري قانون الحكومة ، وأن يسلّم الجاني ، أو أن يتركوا حمايته ، وإلا ركنت إلى القوة العسكرية اضطرارا. ومن ثم أرسلت قوة عسكرية إلى هناك .. وأراد أولئك أن يستعينوا بعفك والدغارة والجبور فلم يلبوا الطلب وقام الجيش بمهمته بالوجه المطلوب (١) ..
هذه الحوادث جرت أيام مدحت باشا مما يتعلق بلواء الحلة ، ونرى أسماء عشائر عديدة ، وكلها لها مكانتها ، وكانت متصلة لا تفترق وإنما تجتمع دائما فيما بينها وتقرر ما شاءت ، فيظهر قسم المصافاة للحكومة ، والقسم الآخر يبقى على نزاعه ، ومن ثم تنظم القبائل ، وتسير
__________________
(١) الزوراء عدد ٤٦ في ٩ صفر سنة ١٢٨٧ ه. والبو جاسم في عشائر العراق ج ٣ ص ٣٧.