العائدات الأخرى والمصاريف ، ووعدهم أنه إذا رأى منهم استقامة وهدوءا أنقص من الميري أكثر من ذلك وجعله ٤٠% وهكذا يمضي في التنزيل كما ينطق بذلك الأمر المعطى من مدحت باشا نفسه .. ويلاحظ أنه لم تمض مدة حتى ثارت ثائرة الدغارة ، وأن الأهلين يبلغون في الهندية نحو خمسة عشر ألف مسلح وكان يؤمل أن يعاونوا أهل الدغارة ويظاهروهم ، ولكنهم بقوا موالين للحكومة ولم ينحرفوا عن الطاعة وعزموا على تأدية الحصة الأميرية بكمال الاستقامة .. فأدوا في السنة التالية المطلوب منهم ، وأن الوالي أنزل الحصة الأميرية إلى أقل ومع هذا كان الحاصل أكثر من السنين السابقة أو أنه كان أكثر من أي سنة مرت برخاء ووفرة حاصلات ..
جرى هذا التفويض في جملة أراض ، وانتفعت الحكومة أكثر من مائة ألف ليرة فكانت منفعة زائدة حصل عليها مدحت باشا ، وكان يخشى أن تتنزل الواردات بتنزيل مقدار الحصة الأميرية إلى (العشر) و (الخمس) ، ولكن المحصولات كانت وافرة في تلك السنة ، فسدت النقص ، ولم يحصل فيها تبدل .. وكذا في السنة الأخرى تجاوز ذلك حدود السنة الماضية .. ومن ثم انتفعت خزانة الدولة من النقود دون أن يطرأ خلل في الميري ..
وإذا كانت إدارة الأراضي من جراء الرسوم الأميرية تجري بطريق (الأمانة) أي تقوم بها الحكومة رأسا ومباشرة ، أو بطريق المقطوع (الالتزام) وهذه تعينت مضراتها فلا شك أن الأصول التي قام بها مدحت باشا تؤدي حتما إلى الإعمار ، وتكون العلاقة بالأراضي مكينة جدا ..
ومن جهة أخرى يحصل الارتباط بالأرضين ، وأن أصحاب الأراضي لا يقومون بثورات ضد الحكومة بعد أن يعلموا أنهم أصحاب أراض ، فزاد التوثق من أصحابها .. وصار انتفاعهم كبيرا ، فذاقوا لذة التوطن والاستقرار .. ومن ثم زالت غوائل كانت تتوالى دوما ..