ومن ذلك كله نعلم ما قام به مدحت باشا وأنه ينوي توزيع الأراضي مثل الهندية وغيرها إلى زراعها باعتبار الجريب والدونم ..
والملحوظ أن التفويض ولو بلا بدل كان نافعا للحكومة من جراء تداول الأيدي ، وتعدد المعاملات من انتقال وتفريغ ورهن وتأمينات ..
وأن إبقاء الأراضي أميرية صرفة لا منطق له ، ولا قيمة في التدبير أو الاحتفاظ .. فلا نعلم إصلاحا لمدحت باشا في الأراضي إلا بفائدة حكومته ، وإلا حدث الاضطراب المتوقع دوما .. وعلى هذا الأساس أصدر فرمان العقر ، وحق القرار.
هذا. وأن حق القرار يفتح على الحكومة بابا يجعلها لا تستفيد من أرض. ولهذا أبطلت الدولة حق القرار في الأراضي ، وأعلنت التفويض .. ولكن هذه الفكرة لم تكن صحيحة ، وأن التجارب أدت إلى بطلانها ، فإن استفادة الدولة في التفريغ والتصرفات الأخرى من انتقال وغيره مهمة عدا كسب العلاقة بالأرضين. لا تريد أن تعطي حقّا ما لتنال غيره وتكتسب تدريجا ما هو مقرر لها من الرسوم ، وهو أضعاف ما أعطته ..
وعلى كل حال كانت مضابط العقر قد جرت موافقة للقانون ، ولا تزال مرعية في المحاكم ، وتسمى (مضابط العقر) بـ (مضابط قوميسون الاعقار) وتعد من الحجج القانونية .. والملحوظ أن العقر كان معلوما قديما ، ولكنه خصص في المتعامل عليه من هذا النوع مما يؤخذ من الحاصل ، وتاريخ تولده لم يكن أيام مدحت باشا ، ولكنه كان معروفا ، فحدد أمره .. وألقي (حق القرار) من العراق مع أنه أمر قانوني من جراء تفويض الأراضي ، وأن لا تحصل عرقلة بسببها. ولم يقبل إلا في بعض المواطن (حق اللزمة).