أسماء الكثيرين منهم ، ومنهم من لا نعرف أكثر من اسمه ، فلم يعرف له عمل .. وما ذلك إلا لأنهم لم يقوموا بمهمة. والبعض شغل مكانا معروفا ، وأحدث دويا حيثما حل .. فكان عظيما خلّد ذكرا مقبولا وسمعة طيبة ، وموقعا لائقا.
وهذا شأن وزير بغداد مدحت باشا ، ولكنه لم يخل في وقت من طاعن به ، أو مشنع عليه ، متذمر منه. فإذا أضيف إلى ذلك جهل الناس في التقدير ، علمنا درجة التأثير المتعاكس.
جاء هذا الوزير بغداد فوجدها صالحة لكل عمل. تستحق العناية من كل وجه ، فصرف جهوده في إرضاء حكومته ، وأن لا يقسو في الأهلين ويراعي التوجيه الصحيح .. فقام بالمهمة خير قيام .. ولكن رجال ذلك العهد وبينهم من لم يخرج من استنبول ولا يدري بما هنالك تأثر بالتضليل وحسب أن هذا الرجل لو بقي ، لفتح بابا كبيرا لا يسد ، وفي ثلاث سنوات زاول مطالب عديدة ، وأنه في هذه سوف يكلف الدولة تكاليف كبيرة ، أو على الأقل في مشاريعه سوف يمنع الحكومة من الاستفادة المالية ، فتكون واردات العراق للمشاريع التي عزم أن يقوم بها .. وكأن إدارة الدولة أشبه بمستغل وقف يحاول صاحبه أن يقبض إجارته في أقرب ساعة ، ولا يهمه تدهوره وهلاكه ، ولا يصبر على تعميره لينال فائدة أكبر .. ومن ثم رأى رجال الدولة بأن أعمال هذا الرجل سوف تحول دون الاستفادة والدولة دائما في حاجة بل في نهم إلى المال ، لا تريد أن تصرف فلسا ، وإنما كان همها أن تأخذ المبالغ ، فتسد جشعها ، أو تستخدمها لما حدث أو يحدث من غوائل ، وكلها غوائل ، ولم تخل في وقت من زعازع ..
ومن ثم توالت عليه الاعتراضات ، وأن أنداد مدحت باشا اتخذوا الوسائل لإقناع هؤلاء الرجال في أن أعماله سيئة .. ولكنها لم تكن لتؤثر