هذه الأقوال على مركزه لو لا وفاة الصدر الأعظم عالي باشا ، ثم ولي الصدر الأعظم محمود نديم باشا فتغيرت الحالة ، وصار يعتقد بصحة ما قيل في مدحت باشا ، ومن ثم صار يطلب منه مطالب لم تكن في محلها ، وصار يضيّق في طلب المبالغ .. أما مدحت باشا فإنه لما رأى هذه الحالة قدم دفاتر في الوارد والمصروف لمدة وزارته عن كل سنة وأرسلها إلى الباب العالي ..
وعلى كل حال اضطر الوزير للاستقالة لأن ذلك الوضع لا يتيسر به إدارة المملكة ..
ومن ثم قبلت استقالته ، وصار مكانه رؤوف باشا ، فتوجه لمحل وظيفته على العجلة بمنصب وال ومشير للفيلق السادس .. أما مدحت باشا فإنه خرج من بغداد بالوجه المذكور.
ولا يزال العراقيون يذكرونه بالخير ويمدحونه ، ولم تمض مدة حتى صار صدرا أعظم في جمادى الآخرة سنة ١٢٨٩ ه.
وصفوة القول أن مدحت باشا على قلة حكمه تمكن من إيجاد نظام وانتظام في القطر العراقي. جاء ولاة كثيرون لم يكن لهم شأن فقام بأعمال تدل على قدرة عظيمة ، ومهارة وانتباه ، وكانت إدارة البلدة شغله الشاغل ، وأنها ملكت سمعه وبصره ..
وجل ما نعلمه أنه ولد في صفر سنة ١٢٣٨ ه ـ ١٨٢٢ م وتوفي في ١٨ رجب سنة ١٣٠١ ه ـ ١٨٨٤ م وحياته الرسمية كلها زعازع ومصاعب ، فلم يهدأ على حالة ، قاومه أهل الشر ونال منهم معارضة قوية ، فشوشوا عليه أمره وأذاعوا مفتريات كثيرة عنه. وأيامه في بغداد مقبولة محمودة. لم يظهر من الولاة إلى إعلان الدستور من يوازيه في قدرته وحنكته وحسن إدارته.
ترجمه ابنه (علي حيدر). وسع مذكراته ومدوناته بالاستناد إلى