١ ـ الوزراء أو الولاة : (في بغداد)
الوزراء في بغداد ذكرنا أوصاف كل واحد منهم وما قيل فيه. وهؤلاء يترتب عليهم أمر المملكة وبسببهم تمدح الدولة أو تذم. وعندنا ليس لهم مقاييس ثابتة ، ولا سياسة مستقرة أو مطردة من جراء أن سياسة الدولة متحولة ولم نجد منهم من كان يتصرف بقدرته وإرادته إلا ما قلّ. رأينا أوضاعهم مضطربة ومن الصعب جدا أن نراها تابعة لنفسياتهم ومقدار ثقافتهم ودرجة اهتمامهم بالمصالح والمشاكل العامة ، بل لا نشاهد إلا اليسير. فهم (مسيرون لا مخيرون). يشتركون في اتباع عاصمة الدولة أو مراعاة سياستها كما شاءت ، وتوعز إليهم بما طلبت. وكل من أحدث خلاف المراد عجلوا بعزله ونسبوا الحادث إليه. وباقي الأعمال تكون مقبولة أو مدخولة.
ويهمنا أمر تصرفات الوزراء في متابعة الدولة والحركة طبق منهاجها. وهذه لم تنجح في غالب أحوالها. وعند ما تشعر الدولة بالخطر تعدل عن التطبيق وتعزل الوالي تبعا لما كان حدث من أوضاع غير ملائمة. وتنسب إليه الخرق في أمر آخر والمقصود عدم نجاح الخطة. وكل ما تعلمه أن الدولة لم تتمكن من تنفيذ أغراضها إلا قليلا كبعض الإمارات التي تيسر لها القضاء عليها ، واستعصى عليها أمر المنتفق ، أو التجنيد وأن نجاحها في القضاء على إمارة العمادية ، وعلى إمارة الرواندزي ، وعلى الجليليين مما أطمعها في (المنتفق) ، وحبط كل ترتيب عملته ، أو أمر قامت به. ومثله أمر (التجنيد) ... وهكذا حوادث (الالتزام).
مرّ بنا من الوقائع ما يبصر بالأحوال أكثر. أرسلت الدولة أكابر رجالها للقيام بالمهمة فنجحت في بعض لما مهّدت في القضاء على (بابان) من معاهدة أرضروم (أرزن الروم) سنة ١٢٦٣ ه. وهكذا كانت ترتيباتها لا يستهان بها لا سيما في المنتفق وفي التجنيد فكان الخذلان