وكان الوالي عبدي باشا يميل بالتوجه إلى القنصل الفرنسي. وأن الترك متصلون بالفرنسيين من قديم الزمان ولعل التدخل الفعلي للإنكليز مما جعل الوالي يرتاب من سطوة الإنكليز وتدخلاتهم فينظر إليهم بحذر فيؤثر الفرنسيين. ولا شك أن الوالي كان يرقب الأحداث بحذر ولكن ذلك زال بزواله واكتسب الإنكليز النفوذ التام وتقلص نفوذ القنصل الفرنسي.
ويهمنا أن السفارات في عاصمة الدولة. والعلاقات بها أمكن. وأنها المرجع في كل نزاع أو حدوث خلاف. وتعرف الأوضاع من صلات الدولة في معاهداتها بالدول الأخرى. والحق أن العلاقات بالعراق قليلة. وقد مرّ بنا ذكر أوائل العلاقات بالبرتغال ثم بغيرهم. والتجارة محدودة. وبعد الدول عن العراق وعدم وجود الصلات بوسائط كافية مما قلل من هذه العلاقات. وفي الغالب يمثل الإنكليز الدول الأخرى بوكالات قنصلية فانفردوا تقريبا للصلات بالهند بحرا بواسطة الإنكليز ...
وأقدم قنصلية في العراق (القنصلية الفرنسية). تأسست سنة ١٧٤٢ م. ومن ذلك الحين أخذ قناصل فرنسا يتواردون إلى بغداد.
وأما القنصلية الإنكليزية فيرجع تاريخها إلى سنة ١٧٩٧ م فقد عينت لها قنصلا في البصرة وآخر في بغداد. وهذا يلقب بـ (المقيم). ويقال له عندهم (رزدنت). ومن أشهر رجالها المستر رچ. ذكرناه في المجلد السابق وفي رحلة المنشي البغدادي ص ٧ تفصيل أكثر عن تأسيس القنصليات الإنكليزية عندنا. وهذه القنصلية تتمتع بامتيازات عظيمة لم يبلغها غيرها. فلها ١٢ (قواسا) وعدد من الجنود المسلمين يبلغون (٦٠) جنديا ولكن هؤلاء تبدل قسم منهم بالجنود البريطانيين. وكان تحت تصرف هذا القنصل باخرة صغيرة يقال لها (كوميت) Comet تلازم القنصلية دوما.