أقصى حدود الظلم. ومرّ بنا من الحوادث ما يعين الحالة ، فالدولة بعيدة عن الإصلاح ومن الصعب إرضاء الشعب بوجه. فالتذمر بلغ غايته ... سواء في عاصمة الدولة أو في الولايات التابعة لها.
والعراق كان نصيبه أقل الأقطار من الإصلاح لما يوجس الأهلون خيفة أن يؤدي ذلك إلى تقوية سطوة الدولة وكان بنجوة نوعا. رأت الدولة لزوم القضاء على الإمارات العراقية ورعاية التجنيد ، وما ماثل مما يؤدي إلى التمكن من السيطرة فكان عملها بطيئا لم تنل من العراق حظا إلا بعد جهود تكبدتها ودماء أهرقتها ، وأموال طائلة بذلتها .. وقف العراق في وجهها ، وعارض آمالها ، وفي الوقت نفسه كانت لا تستطيع أن تضغط كثيرا حذرا من إيران بل راعت الصلح مع إيران وعملت لأن يكون صحيحا.
وهكذا تولدت تيارات ضد الغربيين لما ظهر من نوايا التدخل في المملكة ، والضغط من طريق الانتصار على الشرق ، ودعوى حماية النصارى ، وأمثال ذلك من الأوضاع العديدة.
قال الأستاذ أبو الثناء الآلوسي :
«كنت أرى أمر الإفتاء أمرّ من مر القضاء حيث مزقت (الشورى) إذ ذاك أديمه ، وأسقمه (أعضاء المجلس) ذوو الآراء السقيمة أعضاءه السليمة فلم يكد يختاره إلا ذو جهالة قد جعل ... دينه لدنياه حباله. وحاشاني أن أكون كذلك ...» ا ه (١).
والشورى لا تذم لذاتها. ولكن جهل الأعضاء مما يفسد معناها. والآراء السقيمة تطوح بالمملكة وتقضي على الآمال ... والنقمة كانت مشهودة. ذكرها الأستاذ في مجموعته الكبرى. وهكذا قال الشيخ رضا الطالباني في عهد المشروطية :
__________________
(١) مقامات الآلوسي.