محمد شاه .. وكانوا مفسدين ، ذوي جرأة على أعراض الناس ، وأهل البلد يهابونهم ، ويخافون على أنفسهم ، لأنهم متى أرادوا ، هجموا على بيت أحدهم ونهبوه ، والحاكم الذي هو من أهل البلد طوع أيديهم ولا يعارضهم بما يفعل هؤلاء الباغون الفجرة.
وفي أيام علي باشا حاصرها وخرج إليه سادات البلد ، وعلماؤهم ، وتكفلوا له بزيادة الإيراد ، فارتحل عنهم ، وكان ذلك الوزير لا يبالي بعصيانهم ، ومرامه الدراهم ، وقد أدّوا له سبعين ألف قران المثل اثنين عما يؤدونه إلى داود باشا ، فرضي وتركهم.
وهذا الوزير محمد نجيب باشا حاصرها ثلاثة وعشرين يوما ويوم الجمعة التالي في الثاني من عيد الأضحى (١) جاء البشير إلى بغداد بفتحها عنوة (مبينا) صورة الفتح ، وكان قد تولى أمر العساكر فريق النظام كرد محمد باشا ، وبدأ يرمي الأطواب (المدافع) من جهة واحدة ، فلم يستقر أحد يقابل الأطواب إلى أن ثلم ثلمة من سور البلد (من محلة باب النجف) ، ودخل العسكر من تلك الثلمة ، فانهزم البرطازية (٢) عسكر البلد وخرجوا منه ، وشرذمة قليلة وأكثرها من أهل البلد دخلت حضرة العباس وبدأوا يرامون العساكر السلطانية ، فوقف العساكر النظامية أمامهم ، ورموهم دفعات بالتفك (البنادق) فتساقط أكثر الذين في الحضرة من الباغين من سكنة البلد وفقراء الناس ، ونهب الجيش البلد مقدار أربع ساعات ، ونادى منادي الأمان ، والتجأ أكثر الناس إلى بيت السيد كاظم
__________________
(١) فتحت أول يوم من عيد الأضحى أو الثاني منه.
(٢) البرطازية. وردت في التواريخ الأخرى البلطاسية أيضا وهم نوع جند من الترك كانوا يستخدمون في أيام الدولة العباسية ، والآن يطلقون على البلوش أو من كان على شاكلتهم ، ولا يشترط أن يكونوا من القوم الذين تكوّنوا منهم في بادىء الأمر ، وبنادقهم تسمى (شمخال) ، ويعدون جيشا وكان أرسلهم محمد شاه القجاري لمحافظة كربلاء.