عنيف. تريد الدولة أن تستقل بالعراق ، والشعب يأمل الرفاه والراحة ، فاختلفت وجهات النظر وزادت الشؤون تعقيدا وقويت المشادة ..
كانت الحالة في أشد التوتر ، فلم تتغلب الدولة على المدن إلا بشق الأنفس وبعد تعديل سياستها. ولم تغير أوضاعها ألا بعد أن شعرت بالخطر ... وكانت العشائر في غالب أوضاعها بنجوة. جربت الدولة تجارب عديدة ، فباءت كلها أو أغلبها بالفشل فلم تستطع الإخلال بالمعهود ، ولم تقدر أن تتجاوز حدود المألوف.
وحوادث العالم نبهت إلا أن التدخل كان قليلا والتجدد غير مشهود. والإدارة تبغي المال لدولتها وتلح. والولاة همّهم أن ينالوا نصيبا أيضا ومن جهة تحاول الدولة تأسيس حكم مباشر وأن تقضي على الإمارات وعلى العشائر الكبيرة وأن تنظم إدارة المدن كما هو الشأن في أصل الدولة ... لتتمكن من الاستغلال ، فكان دون ذلك خرط القتاد.
لم توفق في ذلك إلا بعض التوفيق بعد عناء كبير وكلفة عظيمة. فإذا كان هذا حال الأمة في سياسة الدولة فلا شك أن الإدارة خابت في الثقافة أكثر من جراء أن مؤسساتنا عظيمة. لم تخذل من كل وجه. والحكومة في كل أعمالها لم تتمكن إلا من بعض الشيء في حين أن الأفكار تنبّهت في هذا الاضطراب السياسي والثقافي وتهيأت لتقوية الثقافة من ناحية الاتصال بالغرب.
كانت المشادة بالغة غايتها بين الحكومة والشعب. يراد بالعراق أن يتابع الدولة في إدارتها وأن ينقاد بلا قيد ولا شرط فلم يسلس قياده ، ولم تربح الدولة قضيتها. وبقي النضال مستمرا. فلم تستطع إدارته إلا أن تمضي بمألوفه. تريد أن توجهه إلى سياستها فخابت أو باءت بالفشل الذريع. ولا شك أن الحالة الاقتصادية في أمر كهذا نراها مضطربة قطعا. تعينها حوادث كثيرة وتوضح هذا الاضطراب العلاقة المشهودة.