وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا)(١)) يعني ليس من هذا الباب (٢) ، لأنه لو كان فيه لكان مما يختار فيه النصب ، لقلة وقوع الإنشاء خبرا فلما اتفق القراء على رفعه ، علم أنه ليس منه ، وقد اختلف في تأويله فقال المبرد (٣) والفراء (٤) والألف واللام بمعنى الذي [ظ ٤٨] والفاء دخلت بمعنى الشرط كما دخلت في (الذي يأتيني فله درهم) ، والكلام جملة واحدة لكن منع من العمل الفاء لأنها إذا كانت للشرط ، لم يعمل ما بعدها فيما قبلها ، فخرج عن الباب ، لأن من شرطه صحة التسليط ، وقوله : (الزَّانِي) و (الزَّانِيَةُ) عطف عليه ، و (فَاجْلِدُوا) الخبر ، وتقديره : (الذي زنا والتي زنت فاجلدوا) وهو ضعيف من حيث جعل الإنشاء خبرا وقوي نقله الحذف ، وقال سيبويه (٥) إن الكلام جملتان : الأولى خبرية ، والثانية إنشائية وتقديره فيما يتلى عليكم حكم الزانية والزاني فاجلدوا ، فحذف من الجملة الأولى الخبر وهو مما يتلى عليكم ، والمضاف من المبتدأ ، وهو حكم و (فاجلدوا) جملة ثانية إنشائية بيان للجملة الأولى ، والفاء للسببية ، كما في قولك : (زيد كريم فأكرمه) ، فامتنع أن يكون من هذا الباب ، لأنه لا يصح عمل فعل من
__________________
(١) المائدة ٥ / ٣٨ ، والقراء اتفقوا على الرفع إلا عيسى بن عمر قرأ بالنصب ، على الشاذ.
ينظر البحر المحيط ٣ / ٤٨٩ ـ ٤٩٠ حيث أورد كل القراءات ، وإعراب القرآن للنحاس ٢ / ١٩.
(٢) ينظر شرح المصنف ٣٦ ، وشرح الرضي ١ / ١٧٨.
(٣) ينظر رأي المبرد في الكامل ٢ / ٢٦٥ ـ ٢٦٦.
(٤) ينظر معاني القرآن للفراء ٢ / ٢٤٤ ، وشرح الرضي ١ / ١٧٨.
(٥) ينظر الكتاب ١ / ١٤٣ وما بعدها ، وشرح الرضي ١ / ١٧٨ ، وتفسير القرطبي ٥ / ٤٥٥١ وما بعدها في توجيه وتخريج القراءة والآراء الواردة في ذلك في سورة المائدة والنور. والنصب اختيار سيبويه قال : (وقد قرأ أناس (والسارق والسارقة) (والزانية والزاني) وهو في العربية على ما ذكرت لك من القوة ولكن أبت العامة إلا القراءة بالرفع) ، وقراءة النصب هي قراءة عيسى بن عمرو ويحيى بن يعمر وأبو جعفر وأبو شيبة ، ينظر الكتاب ١ / ١٤٤ ، وتفسير فتح القدير للشوكاني ٤ / ٤ ، والبحر المحيط ٦ / ٣٩٣.