و (الأسد الأسد) (١) ، وأما إذا لم يكرره فالأجود ظهور فعله نحو قوله :
[٢٠٧] خل الطريق لمن يبنى المنار به |
|
وأبرز ببرزة حيث اضطرت القدر (٢) |
وإنما وجب حذف عامل التحذير لوجود القرينة وعدم الفرصة لخشية الوقوع في المهلة قبل تمام الكلام ، وقد اختلفت في كيفية الحذف ، فذهب الأكثرون : أن أصله (اتقك والأسد) بفعل متعد إلى واحد فكرهوا الجمع بين ضميري الفاعل والمفعول لشيء واحد فأتوا بالنفس ليتصل بها المفعول ، فصار (اتق نفسك والأسد) فحذفوا الفعل ، ولحقه الفاعل لما كان متصلا به ، ثم حذفوا النفس (٣) لزوال الموجب للإتيان بها ، وبقي الضمير اسما على حرف واحد فلم يمكن النطق به ، فأتوا بصيغة الانفصال ، فقالوا (إياك والأسد) ومعناه : اتق نفسك أن تتعرض للأسد والأسد أن يتعرض لنفسك والواو يحتمل أن تكون للمعية وأن تكون عاطفة (٤) قال نجم الدين : (٥) الأولى أن يقدر العامل متأخرا واصله (إياك
__________________
(١) قال السيوطي في الهمع ٣ / ٢٤ : (وإنما يلزم إضماره في إيا مطلقا نحو (إياك والشر) فالناصب لـ (إيا) فعل مضمر لا يجوز إظهاره ، ومع المكرر نحو : (الأسد الأسد) لأن أحد الاسمين قام مقام الفاعل ، ومع العاطف نحو (ناقة الله وسقياها) استغناء بذكر المحذر منه عن ذكر المحذر.
(٢) البيت من البسيط ، وهو لجرير في ديوانه ١ / ٢١١ ، ينظر الكتاب ١ / ٢٥٤ ، وشرح المفصل ٢ / ٣٠ ، وأوضح المسالك ٤ / ٧٨ ، واللسان مادة (برز ١ / ٢٥٥.
والشاهد فيه قوله : (خل الطريق) حيث أظهر العامل وهو (خل) في التحذير لأن المحذر منه غير مكرر ولا معطوف عليه ، ولو أضمره أي الطريق لكان صحيحا ...
(٣) أي بقي الفعل وقى في الأمر على حرف واحد وهو (ق).
(٤) ينظر : شرح المصنف ٣٧ ، والعبارة من قوله : (وذهب الأكثرون إلى ... وأن تكون عاطفة) منقولة بتصرف عن المصنف.
(٥) ينظر شرح الرضي ١ / ١٨٢ ، ولم تنقل العبارة كما هي وإنما بتصرف.