وجب تقديرها في الماضي المثبت دون المنفي إذا كان حالا ، لأنه قد تقّضى فأتى بـ (قد) تقربه من الحال بخلاف المنفي فإن النفي فيه مستمر إلى ذلك الحال غالبا.
قوله : (ويجوز حذف العامل) هذا الحذف قياس إلا أنه لا بد فيه من قرينة ، وهو على ضربين ، جواز ووجوب (١) ، والجواز قرينة حالية ومقالية كقولك : [للمسافر](٢) (راشدا مهديا) و (مصاحبا معانا) لمن رأيت عليه أهبة السفر ، تقديره اذهب ، والمقالية في جواب الاستفهام والنفي ، كقولك راكبا ، لمن قال : (كيف قدم زيد) وبلى راكبا لمن قال : ما قدم ، قال الله تعالى : (بَلى قادِرِينَ عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ)(٣) أي بلى نجمعها قادرين (٤) ، والوجوب في مواضع منها ما وقع الحال فيه نائبا عن الخبر ، نحو (ضربي زيدا قائما) ومنها الحال المثبتة ازدياد ثمن أو غيره شيئا فشيئا مقرونة بالفاء أو ثم ، نحو (شريته بدرهم فصاعدا) أو ثم زائدا ، أي ذهب الثمن صاعدا ، ومنها أسماء جامدة متضمنة للتوبيخ مع همزة الاستفهام وبدونها نحو (أتميما مرة وقيسيا أخرى) (٥) و (أقائما وقد قعد الناس) و (أقاعدا وقد سار الراكب) أي أتتحول ، وأتقوم وأتقعد؟ قال :
[٢٣٨] أفي السلم أعيارا جفاء وغلظة |
|
وفي الحرب أشباه النساء العوارك (٦) |
__________________
(١) ينظر شرح الرضي ١ / ٢١٤ ، والعبارة منقولة بتصرف.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة من الكافية المحققة.
(٣) القيامة ٧٥ / ٤.
(٤) ينظر الكتاب ١ / ٣٤٦.
(٥) ينظر شرح الرضي ١ / ٢١٤ والعبارة من قوله والوجوب إلى قوله وقيسيا أخرى منقولة من الرضي بتصرف دون إسناد للرضي في ١ / ٢١٤.
(٦) البيت من البحر الطويل ، وهو لهند بنت عتبة ، ينظر الكتاب ١ / ٣٤٤ ، وشرح أبيات ـ سيبويه ١ / ٣٨٢ ، والمقتضب ٣ / ٢٦٥ ، وشرح الرضي ١ / ٢١٤ ، واللسان مادة (عور) ٤ / ٣١٦٥ ، وخزانة الأدب ٣ / ٢٦٣. والعوارك النساء إذا حاضت يقال عركت المرأة أي حاضت.
والشاهد فيه قوله : (أعيارا) حال وعامله فعل مضمر وضعت هي في موضعه كما ذكر الشارح.