على الاستثناء والرفع على البدل من واو الضمير ، وإنما اختير البدل لأنه أسهل عاملا ، وأقوى ، وكذلك قوله تعالى : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ)(١) بالنصب والرفع ، لكن أكثر القراء على النصب ، فقال طاهر وابن الحاجب الاستثناء من (ولا يلتفت) فالنصب على الاستثناء والرفع على البدل ، وقال الزمخشري : (٢) النصب على الاستثناء من الجملة الأولى والرفع من الجملة الثانية ، وقال ابن الحاجب : (٣) هذا يؤدي إلى أن يكون مسريا بها غير مسريّ بها ، وقد أجيب بجوابين ، أحدهما : أنه لم يسر بها ولكنها خرجت معهم من غير إذنه فيصح على هذا الاستثناء من الجملتين معا ، ولا تناقض (٤) ، وقال الخوارزمي (٥) ونجم الدين (٦) : إن (فأسر) وإن كان مطلقا في الظاهر فهو مقيد بالجملة المنفية وهي (ولا يلتفت) ، فكأنه قال : فأسر بأهلك حال
__________________
(١) هود ١١ / ٨١ وقرأ الجمهور بالنصب ، وقرأ أبو عمرو وابن كثير بالرفع على البدل. فعلى قراءة النصب فـ (امرأته) مستثناة من قوله : (فأسر بأهلك) أي أسر بأهلك جميعا إلا امرأتك فلا تسر بها ، وأنكر قراءة الرفع جماعة منهم أبو عبيد ، وقال : (لا يصح ذلك إلا برفع يلتفت ويكون نعتا ...) ينظر تفسير القرطبي ٤ / ٣٣٠٨ ، وإعراب القرآن للنحاس ٢ / ٢٩٧ ، وفتح القدير للشوكاني ٢ / ٥١٥ ، والبحر المحيط ٥ / ٢٤٨ ـ ٢٤٩.
(٢) قال ابن الحاجب في شرحه ٤٥ ردا على الزمخشري وأبي عبيد : (وإنما يقع في مثل ذلك من يعتقد أن القراءات السبع آحاد يجوز أن يكون بعضها خطأ فلا يبالي في حمل القراءتين على ما تتناقضان به فأما من يعتقد الصحة في جميعها فبعيد عن ذلك. وينظر رد الرضي على الزمخشري في ١ / ٢٣٣ ، وينظر رأي الزمخشري في المفصل ٦٨ ، وأيده ابن يعيش في شرحه ٢ / ٨٢ ـ ٨٣ ، حيث أثبت أن قراءة الرفع ضعيفة. وهي متواترة وهذا ما جعل ابن الحاجب والرضي يردان عليهما كما ذكرت.
(٣) ينظر شرح المصنف ٤٥.
(٤) ينظر الكشاف ٢ / ٤١٦.
(٥) ينظر التخمير في شرح المفصل للخوارزمي ١ / ٤٦٤.
(٦) ينظر شرح الرضي ١ / ٢٣٤.