وأجاز الكوفيون : (١) أن تعرب إعراب مالا ينصرف وأنشدوا : (من أذرعات) بالفتح ، ويرد عليه سؤالان ؛ أحدهما : لم قدّمه على جمع المذكر السالم؟ وجوابه : أنه معرب بالحركة وجمع المذكر بالحروف ، والحركة أخفّ من الحرف ، والثاني : لم قدمه على غير المنصرف؟ وجوابه لدخول التنوين عليه بخلاف غير المنصرف.
قوله : (غير المنصرف بالضمة والفتحة) أي رفعه بالضمة ، ونصبه وجره بالفتحة ، وإنما امتنع منه الجر والتنوين ، لأنه أشبه الفعل بعلتين فرعيتين [و ٧] وهما : المانعان له من الصرف فامتنع منه ما امتنع من الفعل ، وهو الجر والتنوين ، وكان الأولى أن يحترز من المنقوص ، كـ (جوار) و (غواش) لأنه يدخله الجر ولا يدخله الضم ، وعن مثل (عرفات) و (مسلمات) مسمى بها ، فإنه غير منصرف ، مع أن إعرابه بالضمة والكسرة عند المصنف (٢) وهو الصحيح ، فكأنه يقول ما لم يكن منقوصا ولا جمع مؤنث ، وعند الأخفش (٣) والمبرد (٤) والزجاج (٥) أن جمع المؤنث
__________________
(١) أكثر كتب النحو التي اطلعت عليها لا تذكر الكوفيين صراحة وإنما تذكر مذاهب في ذلك ، منهم ابن عقيل وحتى سيبويه يقول : سمعنا أكثر العرب يقولون في بيت امرئ القيس (أي تنوين أذرعات) ويفهم من كلام سيبويه أنه يجيز الفتح ، لأنه يقول ومن العرب من لا ينون أذرعات ، الكتاب ٣ / ٢٣٤ ، وشرح المفصل ١ / ٤٦ ، ٤٧
(٢) ينظر شرح المصنف ٩.
(٣) ينظر رأي الأخفش في الإنصاف ١ / ٢٣ والهمع ١ / ٥٦.
(٤) ينظر الإنصاف مسألة رقم (٣). القول في إعراب المثنى وجمع المذكر قال الأنباري (وليس من مذهب أبي الحسن الأخفش وأبي العباس المبرد وأبي عثمان المازني أن التثنية والجمع مبنيان وقد رجعت إلى المقتضب فلم أجد ما نسبه الشارح إلى المبرد.
(٥) الزجاج هو إبراهيم بن السري بن سهل أبو إسحاق الزجاج من تصانيفه معاني القرآن ـ والاشتقاق ، وفعلت وأفعلت وشرح أبيات سيبويه وغيرها توفي سنة ٣١١ ه ، ينظر ترجمته في بغية الوعاة ١ / ٤١١ وما بعدها برقم (٨١٥). ينظر رأيه في الإنصاف ١ / ٣٣ وشرح الرضي ١ / ٢٦ ، والهمع ١ / ٥٧.