قال الله تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ) ويدل عن أن ما في هذه الآية وهو قوله (النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) إلى آخرها هو شريعة لنبينا صلىاللهعليهوسلم قوله صلىاللهعليهوسلم في إيجابه القصاص في السن في حديث أنس الذي قدمنا حين قال أنس بن النضر لا تكثر ثنية الربيع كتاب الله القصاص وليس في كتاب الله السن بالسن إلا في هذه الآية فأبان النبي صلىاللهعليهوسلم عن موجب حكم الآية علينا ولو لم تلزمنا شريعة من قبلنا من الأنبياء بنفس ورودها لكان قوله كافيا في بيان موجب حكم هذه الآية وأنها قد اقتضت من حكمها علينا مثل ما كان على بنى إسرائيل فقد دل قول النبي صلىاللهعليهوسلم هذا على معنيين أحدهما لزوم حكم الآية لنا وثبوته علينا والثاني أخباره أن ظاهر الكتاب قد ألزمنا هذا الحكم قبل أخبار النبي صلىاللهعليهوسلم بذلك فدل ذلك على ما حكاه الله في كتابه مما شرعه لغيره من الأنبياء فحكمه ثابت ما لم ينسخ وإذا ثبت ما وصفنا وليس في الآية فرق بين المسلم والكافر وجب إجراء حكمها عليهما ويدل عليه قوله عز وجل (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً) وقد ثبت بالاتفاق أن السلطان المذكور في هذا الموضع قد انتظم القود وليس فيها تخصيص مسلم من كافر فهو عليهما* ومن جهة السنة ما روى عن الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير عن سلمة عن أبى هريرة أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم خطب يوم فتح مكة فقال (ألا ومن قتل قتيلا فوليه بخير النظرين بين أن يقتص أو يأخذ الدية) وروى أبو سعيد المقبري عن أبى شريح الكعبي عن النبي صلىاللهعليهوسلم مثله وحديث عثمان وابن مسعود وعائشة عن النبي صلىاللهعليهوسلم (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث زنا بعد إحصان وكفر بعد إيمان وقتل نفس بغير نفس) وحديث ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال (العمد قود) وهذه الأخبار يقتضى عمومها قتل المسلم بالذمي وروى ربيعة ابن أبى عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن السلماني أن النبي صلىاللهعليهوسلم أقاد مسلما بذمي وقال أنا أحق من وفي بذمته وقد روى الطحاوي عن سليمان بن شعيب قال حدثنا يحيى بن سلام عن محمد بن أبى حميد المدني عن محمد بن المنكدر عن النبي صلىاللهعليهوسلم مثله* وقد روى عن عمر وعلى وعبد الله قتل المسلم بالذمي حدثنا ابن قانع قال حدثنا على بن الهيثم عن عثمان الفزاري قال حدثنا مسعود بن جويرية قال حدثنا عبد الله بن خراش عن واسط عن الحسن بن ميمون عن أبى الجنوب الأسدى قال جاء رجل من أهل الحيرة إلى على كرم الله وجهه فقال يا أمير المؤمنين رجل من المسلمين قتل ابني ولي بينة فجاء الشهود فشهدوا وسأل عنهم