صلىاللهعليهوسلم من أصيب بدم أو بخبل يعنى بالخبل الجراح فوليه بالخيار بين أحد ثلاث بين العفو أو يقتص أو يأخذ الدية وهذه الأخبار غير موجبة لما ذكروا لاحتمالها أن يكون المراد أخذ الدية برضى القاتل كما قال تعالى (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً) المعنى فداء برضى الأسير فاكتفى بالمحذوف عن ذكره لعلم المخاطبين عند ذكر المال بأنه لا يجوز إلزامه إياه بغير رضاه كذلك قوله أو يأخذ الدية وقوله أو يودى وكما يقول القائل لمن له دين على غيره إن شئت فخذ دينك دراهم وإن شئت دنانير وكما قال صلىاللهعليهوسلم لبلال حين أتاه بتمر أكل تمر خيبر هكذا فقال لا ولكنا نأخذ الصاع منه بالصاعين والصاعين بثلاثة فقال صلىاللهعليهوسلم لا تفعلوا ولكن بع تمرك بعرض ثم خذ بالعرض هذا ومعلوم أنه لم يرد أن يأخذ التمر بالعرض بغير رضى الآخر ويكون ذكره الدية إبانة عما نسخه الله عما كان على بنى إسرائيل من امتناع أخذ الدية برضى القاتل وبغير رضاه تخفيفا عن هذه الأمة على ما روى عن ابن عباس أن القصاص كان في بنى إسرائيل ولم يكن فيهم أخذ الدية فخفف الله عن هذه الأمة ويدل على ما وصفنا من أن المراد أخذ الدية برضى القاتل أن الأوزاعى قد روى حديث أبى هريرة عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عنه عن النبي صلىاللهعليهوسلم وقال فيه (من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يقتل وإما أن يفادى) والمفاداة إنما تكون بين اثنين كالمقاتلة والمضاربة والمشاتمة ونحو ذلك فدل على أن مراده في سائر الأخبار أخذ الدية برضى القاتل وهذه الأخبار تبطل قول من يقول إن الواجب على القاتل هو القود وللولي نقله إلى الدية لأن في جميعها إثبات التخيير للولي بنفس القتل بين القود وأخذ الدية ولو كان الواجب هو القود لا غير وإنما للولي نقله إلى الدية بعد ثبوته كما ينقل الدين إلى العرض والعرض إلى الدين على وجه العوض عنه وليس هناك خيار موجب بنفس القتل بل الواجب شيء واحد وهو القود والقائل بإيجاب القود بالقتل دون غيره إلا أن ينقله الولي إلى الدية مخالف لهذه الآثار وقد روى الأنصارى عن حميد الطويل عن أنس بن مالك في قصة الربيع أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال (كتاب الله القصاص) وذلك ينفى كون المراد بالكتاب المال أو القصاص وقد روى علقمة بن وائل عن أبيه وثابت البناني عن أنس أن رجلا قتل رجلا فدفعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى ولى المقتول ثم قال أتعفو قال لا قال أفتأخذ الدية قال لا قال أما إنك إن قتلته كنت مثله فمضى الرجل فلحقه الناس فقالوا إن رسول الله