صلىاللهعليهوسلم قال أما إنك إن قتلته كنت مثله فعفا عنه فاحتج الموجبون للخيار بين القود والمال بهذا الحديث وهذا لا دلالة فيه على ما ذكروا وذلك لأنه يحتمل أن يريد أن يأخذ الدية برضى القاتل كما قال صلىاللهعليهوسلم لامرأة ثابت بن قيس حين جاءت تشكوه أتردين عليه حديقته قالت نعم ومعلوم أن رضى ثابت قد كان مشروطا فيه وإن لم يكن مذكورا في الخبر لأن النبي صلىاللهعليهوسلم لم يكن يلزم ثابتا الطلاق ولا يملكه الحديقة إلا برضاه وجائز أن النبي صلىاللهعليهوسلم قصد إلى أن يعقد عقدا على مال فيكون موقوفا على رضى القاتل أو فسخه وجائز أن يكون أراد أن يؤدى الدية من عنده كما فعل في قتيل الخزاعي بمكة وكما تحمل عن اليهود دية عبد الله بن سهل الذي وجد قتيلا بخيبر وقوله صلىاللهعليهوسلم إن قتلته كنت مثله يحتمل معنيين أحدهما إنك قاتل كما أنه قاتل لا إنك مثله في المأثم لأنه استوفى حقا له فلا يستحق اللوم عليه والأول فعل ما لم يكن له فكان آثما فعلمنا أنه لم يرد كنت مثله في المأثم والآخر إنك إذا قتلته فقد استوفيت حقك منه ولا فضل لك عليه وقد ندب الله تعالى إلى الأفضال بالعفو بقوله تعالى (فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ) فإن قال قائل لما كان عليه إحياء نفسه وجب أن يحكم عليه بذلك إذا اختار الولي أخذ المال قيل له وعلى كل أحد أن يحيى غيره إذا خاف عليه التلف مثل أن يرى إنسانا قد قصد غيره بالقتل أو خاف عليه الغرق وهو يمكنه تخليصه أو كان معه طعام وخاف عليه أن يموت من الجوع فعليه إحياؤه بإطعامه وإن كثرت قيمته وإن كان على القاتل إعطاء المال لإحياء نفسه فعلى الولي أيضا إحياؤه إذا أمكنه ذلك فوجب على هذه القضية إجبار الولي على أخذ المال إذا بذله القاتل وهذا يؤدى إلى بطلان القصاص أصلا لأنه إذا كان على كل واحد منهما إحياء نفس القاتل فعليهما التراضي على أخذ المال وإسقاط القود وأيضا فينبغي إذا طلب الولي داره أو عبده أو ديات كثيرة أن يعطيه لأنه لا يختلف فيما يلزمه إحياء نفسه حكم القليل والكثير فلما لم يلزمه إعطاء أكثر من الدية عند القائلين بهذه المقالة كان بذلك انتقاض هذا الاعتلال وفساده واحتج المزني للشافعي في هذه المسألة بأنه لو صالح من حد القذف على مال أو من كفالة بنفس لبطل الحد والكفالة ولم يستحق شيئا ولو صالح من دم عمد على مال باتفاق الجميع قبل ذلك فدل ذلك على أن دم العمد مال في الأصل لو لا ذلك لما صح الصلح كما لم يصح عن حد القذف والكفالة قال أبو بكر قد انتظم هذا الاحتجاج الخطأ والمناقضة