وبين عبدى نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال الله تعالى حمدنى عبدى) وذكر الحديث قالوا فلما عبر بالصلاة عن قراءة فاتحة الكتاب دل على أنها من فروضها كما أنه لما عبر عن الصلاة بالقرآن في قوله (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) وأراد قراءة صلاة الفجر دل على أنها من فروضها وكما عبر عنها بالركوع فقال (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) دل على أنه من فروضها* قيل له لم تكن العبارة عنهما لما ذكرت موجبا لفرض القراءة والركوع فيها دون ما تناوله من لفظ الأمر المقتضى للإيجاب وليس في قوله قسمت الصلاة بيني وبين عبدى أمر وإنما أكثر ما فيه الصلاة بقراءة فاتحة الكتاب وذلك غير مقتض للإيجاب لأن الصلاة تشتمل على النوافل والفروض وقد أفاد النبي عليه السلام بهذا الحديث نفى إيجابها لأنه قال في آخره فمن لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فأثبتها ناقصة مع عدم قراءتها ومعلوم أنه لم يرد نسخ أول كلامه بآخره فدل ذلك على أن قول الله تعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدى نصفين وذكر فاتحة الكتاب لا يوجب أن يكون قراءتها فرضا فيها وهذا كما روى شعبة عن عبد ربه بن سعيد عن أنس ابن أبى أنس عن عبد الله بن نافع بن العميان عن عبد الله بن الحارث عن المطلب ابن أبى وداعة قال قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم (الصلاة مثنى مثنى وتشهد في كل ركعتين وتبأس وتمكن وتقنع لربك وتقول اللهم فمن لم يفعل فهي خداج) ولم يوجب ذلك أن يكون ما سماه صلاة من هذه الأفعال فرضا فيها ومما يحتاج به المخالفون أيضا حديث عبادة ابن الصامت أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) وبما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا ابن بشار قال حدثنا جعفر عن أبى عثمان عن أبى هريرة قال أمرنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن أنادى أن لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فما زاد* قال أبو بكر قوله عليه السلام (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) يحتمل لنفى الأصل ونفى الكمال وإن كان ظاهره عندنا على نفى الأصل حتى تقوم الدلالة على أن المراد نفى الكمال ومعلوم أنه غير جائز إرادة الأمرين جميعا لأنه متى أراد نفى الأصل لم يثبت منه شيء وإذا أراد نفى الكمال وإثبات النقصان فلا محالة بعضه ثابت وإرادتهما معا منتفية مستحيلة والدليل على أنه لم يرد نفى الأصل أن إثبات ذلك إسقاط التخيير في قوله تعالى (فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ) وذلك نسخ وغير جائز نسخ القرآن