بأخبار الآحاد ويدل عليه أيضا ما رواه أبو حنيفة وأبو معاوية وابن فضيل وأبو سفيان عن أبى نضرة عن سعيد عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال (لا تجزى صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بالحمد لله وسورة)في الفريضة وغيرها إلا أن أبا حنيفة قال معها غيرها وقال معاوية لا صلاة ومعلوم أنه لم يرد نفى الأصل وإنما مراده نفى الكمال لاتفاق الجميع على أنها مجزية بقراءة فاتحة الكتاب وإن لم يقرأ معها غيرها فثبت أنه أراد نفى الكمال وإيجاب النقصان وغير جائز أن يريد به نفى الأصل ونفى الكمال لتضادهما واستحالة إرادتهما جميعا بلفظ واحد* فإن قال قائل هذا حديث غير حديث عبادة وأبى هريرة وجائز أن يكون النبي صلىاللهعليهوسلم قال مرة لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فأوجب بذلك قراءتها وجعلها فرضا فيها وقال مرة أخرى ما ذكره سعيد من قراءة فاتحة الكتاب وشيء معها وأراد به نفى الكمال إذا لم يقرأ مع فاتحة الكتاب غيرها* قيل له ليس معك تاريخ الحديثين ولا أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال ذلك في حالين ويحتاج إلى دلالة في إثبات كل واحد من الخبرين في الحالين ولمخالفك أن يقول لما لم يثبت أن النبي عليه السلام قال ذلك في وقتين وقد ثبت اللفظان جميعا جعلتهما حديثا واحدا ساق بعض الرواة لفظه على وجهه وأغفل بعضهم بعض ألفاظه وهو ذكر السورة فهما متساويان حينئذ ويثبت الخبر بزيادة في حالة واحدة ويكون لقول خصمك مزية على قولك وهو أن كل ما لم يعرف تاريخه فسبيله أن يحكم بوجودهما معا وإذا ثبت أنه قالهما في وقت واحد بزيادة السورة فمعلوم أنه مع ذكر السورة لم يرد نفى الأصل وإنما أراد إثبات النقص حملناه على ذلك ويكون ذلك كقوله عليه السلام (لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ومن سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له ولا إيمان لمن لا أمانة له) وكقوله تعالى (إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ) فنفاها بدأ وأثبتها ثانيا لأنه أراد نفى الكمال لا نفى الأصل أى لا أيمان لهم وافية فيفون بها* فإن قال قائل فهلا استعملت الأخبار على ظواهرها واستعملت التخيير المذكور في الآية فيما عدا فاتحة الكتاب* قيل له لو انفردت الأخبار عن الآية لما كان فيها ما يوجب فرض قراءة فاتحة الكتاب لما بينا من أن فيها ما لا يحتمل إلا إثبات الأصل مع تركها واحتمال سائر الأخبار الأخر لنفى الأصل ونفى الكمال وعلى أن هذه الأخبار لو كانت موجبة