فيه فيذبحه ويحل والدليل على صحة القول الأول أن المحل اسم لشيئين يحتمل أن يراد به الوقت ويحتمل أن يراد به المكان ألا ترى أن محل الدين هو وقته الذي تجب المطالبة به وقال النبي صلىاللهعليهوسلم لضباعة بنت الزبير(اشترطى في الحج وقولي محلى حيث حبستني) فجعل المحل في هذا الموضع اسما للمكان فلما كان محتملا للأمرين ولم يكن هدى الإحصار في العمرة موقنا عند الجميع وهو لا محالة مراد بالآية وجب أن يكون مراده المكان فاقتضى ذلك أن لا يحل حتى يبلغ مكانا غير مكان الإحصار لأنه لو كان موضع الإحصار محلا للهدى لكان بالغا محله بوقوع الإحصار ولأدى ذلك إلى بطلان الغاية المذكورة في الآية فدل ذلك على أن المراد بالمحل هو الحرم لأن كل من لا يجعل موضع الإحصار محلا للهدى فإنما يجعل المحل الحرم ومن جعل محل الهدى موضع الإحصار أبطل فائدة الآية وأسقط معناها* ومن جهة أخرى وهو أن قوله (وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعامُ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ ـ إلى قوله ـ لَكُمْ فِيها مَنافِعُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ) ودلالته على صحة قولنا في المحل من وجهين أحدهما عمومه في سائر الهدايا والآخر ما فيه من بيان معنى المحل الذي أجمل ذكره في قوله (حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ) فإذا كان الله قد جعل المحل البيت العتيق فغير جائز لأحد أن لا يجعل المحل غيره* ويدل عليه قوله في جزاء الصيد (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) فجعل بلوغ الكعبة من صفات الهدى فلا يجوز شيء منه دون وجوده فيه كما أنه لما قال في الظهار وفي القتل (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) فقيدهما بفعل التتابع لم يجز فعلهما إلا على هذا الوجه وكذلك قوله (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) لا يجوز إلا على الصفة المشروطة وكذلك قال أصحابنا في سائر الهدايا التي تذبح أنها لا تجوز إلا في الحرم* ويدل عليه أيضا قوله في سياق الخطاب بعد ذكر الإحصار (فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) فأوجب على المحصر دما ونهاه عن الحلق حتى يذبح هديه فلو كان ذبحه في الحل جائز الذبح صاحب الأذى هديه عن الإحصار وحل به واستغنى عن فدية الأذى فدل ذلك على أن الحل ليس بمحل الهدى* فإن قيل* هذا فيمن لا يجد هدى الإحصار* قيل له لا يجوز أن يكون ذلك خطابا فيمن لا يجد الدم لأنه خيره بين الصيام والصدقة والنسك ولا يكون مخيرا بين الأشياء الثلاثة إلا وهو واجد لها لأنه لا يجوز التخيير بين ما يجد وبين ما لا يجد فثبت بذلك أن محل الهدى هو