مثلها وهي الرزق والكسوة بالمعروف وإن لم ترضع أجبر الزوج على إحضار المرضعة حتى ترضعه في بيتها حتى لا يكون مضارا لها بولدها* وفي هذا دلالة على أن الأم أحق بإمساك الولد ما دام صغيرا وإن استغنى عن الرضاع بعد ما يكون ممن يحتاج إلى الحضانة لأن حاجته إلى الأم بعد الرضاع كهي قبله فإذا كانت في حال الرضاع أحق به وإن كانت المرضعة غيرها علمنا في كونه عند الأم حقا لها وفيه حق للولد أيضا وهو أن الأم أرفق به وأحنى عليه وذلك في الغلام عندنا إلا أن يأكل وحده ويشرب وحده ويتوضأ وحده وفي الجارية حتى تحيض لأن الغلام إذا بلغ الحد الذي يحتاج فيه إلى التأديب ويعقله ففي كونه عند الأم دون الأب ضرر عليه والأب مع ذلك أقوم بتأديبه وهي الحال التي
قال فيها النبي صلّى الله عليه وسلّم مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع فمن كان سنه سبعا فهو مأمور بالصلاة على وجه التعليم والتأديب لأنه يعقلها فكذلك سائر الأدب الذي يحتاج إلى تعلمه وفي كونه عندها في هذه الحال ضرر عليه ولا ولاية لأحد على الصغير فيما يكون فيه ضرر عليه وأما الجارية فلا ضرر عليها في كونها عند الأم إلى أن تحيض بل كونها عندها انفع لها لأنها تحتاج إلى آداب النساء ولا تزول هذه الولاية عنها إلا بالبلوغ لأنها تستحقها عليها بالولادة ولا ضرر عليها في كونها عندها فلذلك كانت أولى إلى وقت البلوغ فإذا بلغت احتاجت إلى التحصين والأب أقوم بتحصينها فلذلك كان أولى بها* وبمثل دلالة القرآن على ما وصفنا ورد الأثر عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم وهو ما روى عن على كرم الله وجهه وابن عباس أن عليا اختصم هو وزيد بن حارثة وجعفر بن أبى طالب في بنت حمزة وكانت خالتها تحت جعفر فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم ادفعوها إلى خالتها فإن الخالة والدة فكان هذا الخبر أنه جعل الخالة أحق من العصبة كما حكمت الآية بأن الأم أحق بإمساك الولد من الأب وهذا اصل في أن ذوات الرحم المحرم أولى بإمساك الصبى وحضانته من حضانة العصبة من الرجال الأقرب فالأقرب منهم* وقد حوى هذا الخبر معاني منها أن الخالة لها حق الحضانة وأنها أحق به من العصبة وسماها والدة ودل ذلك على أن كل ذات رحم محرم من الصبى فلها هذا الحق الأقرب فالأقرب إذ لم يكن هذا الحق مقصورا على الولادة وقد روى عمر بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمر أن امرأة جاءت بابن لها إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم فقالت يا رسول الله حين كان بطني له وعاء وثديى له