سقاء وحجري له حواء أراد أبوه أن ينتزعه منى فقال أنت أحق به ما لم تتزوجي وروى مثل ذلك عن جماعة من الصحابة منهم على وأبو بكر وعبد الله بن مسعود والمغيرة بن شعبة في آخرين من الصحابة والتابعين وقال الشافعى يخير الغلام إذا أكل أو شرب وحده فإن اختار الأب كان أولى به وكذلك إن اختار الأم كان عندها وروى فيه حديث عن أبى هريرة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم خير غلاما بين أبويه فقال له اختر أيهما شئت وروى عبد الرحمن ابن غنم قال شهدت عمر بن الخطاب خير صبيا بين أبويه فأما ما روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فجائز أن يكون بالغا لأنه قد يجوز أن يسمى غلاما بعد البلوغ وقد روى عن على أنه خير غلاما وقال لو قد بلغ هذا يعنى أخا له صغيرا لخيرته فهذا يدل على أن الأول كان كبيرا وقد روى في حديث أبى هريرة أن امرأة خاصمت زوجها إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وقالت إنه طلقني وأنه يريد أن ينزع منى ابني وقد نفعني وسقاني من بئر أبى عنبة فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم استهما عليه فقال من يحاجني في ابني فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يا غلام هذه أمك وهذا أبوك فاختر أيهما شئت فأخذ الغلام بيد أمه وقول الأم قد سقاني من بئر أبى عنبة يدل على أنه كان كبيرا وقد اتفق الجميع أنه لا اختيار للصغير في سائر حقوقه وكذلك في الأبوين قال محمد بن الحسن لا يخير الغلام لأنه لا يختار إلا شر الأمرين قال أبو بكر هو كذلك لأنه يختار اللعب والإعراض عن تعلم الأدب والخير وقال الله تعالى (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) ومعلوم أن الأدب أقوم بتأديبه وتعليمه وأن في كونه عند الأم ضررا عليه لأنه ينشأ على أخلاق النساء وأما قوله تعالى (وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) فإنه عائد على المضارة نهى الرجل أن يضارها بولدها ونهى المرأة أيضا أن تضار بولده والمضارة من جهتها قد تكون في النفقة وغيرها فأما في النفقة فأن تشتط عليه وتطلب فوق حقها وفي غير النفقة أن تمنعه من رؤيته والإلمام به ويحتمل أن تغترب به وتخرجه عن بلده فتكون مضارة له بولده ويحتمل أن تريد أن لا يطيعه وتمتنع من تركه عنده فهذه الوجوه كلها محتملة ينطوى عليها قوله تعالى (وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ) فوجب حمل الآية عليها قوله تعالى (وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ) هو عطف على جميع المذكور قبله من عند قوله (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) لأن الكلام كله معطوف بعضه على بعض بالواو وهي حرف الجمع فكان الجميع مذكورا في حال واحدة النفقة والكسوة والنهى لكل واحد منهما عن مضارة الآخر