فإنه ذهب إلى أنه مهر حصل لها من وجه محظور فسبيله أن يتصدق به فلذلك جعله في بيت المال ثم رجع فيه إلى قول على رضى الله عنه ومذهب عمر في جعل مهرها لبيت المال إذ قد حصل لها ذلك من وجه محظور يشبه ما روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم في الشاة المأخوذة بغير إذن مالكها قدمت إليه مشوية فلم يكد يسيغها حين أراد الأكل منها فقال إن هذه تخبرني أنها أخذت بغير حق فأخبروه بذلك فقال أطعموها الأسارى ووجه ذلك عندنا إنما صارت لهم بضمان القيمة فأمرهم بالصدقة بها لأنها حصلت لهم من وجه محظور ولم يكونوا قد أدوا القيمة إلى أصحابها وقد روى عن سليمان بن يسار أن مهرها لبيت المال وقال سعيد بن المسيب وإبراهيم والزهري الصداق لها على ما روى عن على وفي اتفاق عمر وعلى على أن لاحد عليهما دلالة على أن النكاح في العدة لا يوجب الحد مع العلم بالتحريم لأن المرأة كانت عالمة بكونها في العدة ولذلك جلدها عمر وجعل مهرها في بيت المال وما خالفهما في ذلك أحد من الصحابة فصار ذلك أصلا في أن كل وطء عن عقد فاسد أنه لا يوجب الحد سواء كانا عالمين بالتحريم أو غير عالمين به وهذا يشهد لأبى حنيفة فيمن وطئ ذات محرم منه بنكاح أنه لا حد عليه* وقد اختلف الفقهاء في العدة إذا وجبت من رجلين فقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر ومالك في رواية ابن القاسم عنه والثوري والأوزاعى إذا وجبت عليها العدة من رجلين فإن عدة واحدة تكون لهما جميعا سواء كانت العدة بالحمل أو بالحيض أو بالشهور وهو قول إبراهيم النخعي وقال الحسن بن صالح والليث والشافعى تعتد لكل واحد عدة مستقبلة والذي يدل على صحة القول الأول قوله تعالى (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) يقتضى كون عدتها ثلاثة قروء إذا طلقها زوجها ووطئها رجل بشبهة لأنها مطلقة قد وجبت عليها عدة ولو أوجبنا عليها أكثر من ثلاثة قروء كنا زائدين في الآية ما ليس فيها إذ لم تفرق بين من وطئت بشبهة من المطلقات وبين غيرها ويدل عليه أيضا قوله تعالى (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ) ولم يفرق بين مطلقة قد وطئها أجنبى بشبهة وبين من لم توطأ فاقتضى ذلك أن تكون عدتها ثلاثة أشهر في الوجهين جميعا ويدل عليه أيضا قوله تعالى (وَأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَ) ولم يفرق بين من عليها عدة من رجل أو رجلين ويدل عليه أيضا قوله تعالى (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ