على حي من أحياء العرب والمراد به أطال قيام الدعاء* وقد روى الحارث عن شبل عن أبى عمرو الشيباني قال كنا نتكلم في الصلاة على عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فنزلت (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فأمرنا بالسكوت فاقتضى ذلك النهى عن الكلام في الصلاة وقال عبد الله بن مسعود كنا نسلم على النبي صلّى الله عليه وسلّم وهو في الصلاة فيرد علينا قبل أن نأتى أرض الحبشة فلما رجعت سلمت عليه فلم يرد على فذكرت ذلك له فقال إن الله يحدث من أمره ما يشاء وأنه قضى أن لا تتكلموا في الصلاة وروى عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدري أن رجلا سلم على النبي صلّى الله عليه وسلّم فرد عليه بالإشارة فلما سلم قال كنا نرد السلام في الصلاة فنهينا عن ذلك * وروى إبراهيم الهجري عن ابن عياض عن أبى هريرة قال كانوا يتكلمون في الصلاة فنزل (وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا) وفي حديث معاوية بن الحكم السلمى أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن * ففي هذه الأخبار حظر الكلام في الصلاة ولم تختلف الرواة أن الكلام كان مباحا في الصلاة إلى أن حظره واتفق الفقهاء على حظره إلا أن مالكا قال يجوز فيها لإصلاح الصلاة وقال الشافعى كلام السهو لا يفسدها ولم يفرق أصحابنا بين شيء منه وأفسدوا الصلاة بوجوده فيها على وجه السهو وقع أو لإصلاح الصلاة والدليل عليه أن الآية التي تلونا من قوله تعالى (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) ورواية من روى أنها نزلت في حظر الكلام في الصلاة مع احتماله له لو لم ترد الرواية بسبب نزولها ليس فيها فرق بين الكلام الواقع على وجه السهو والعمد وبينه إذا قصد به إصلاح الصلاة أو لم يقصد وكذلك سائر الأخبار المأثورة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حظره فيها لم يفرق فيها بين ما قصد به إصلاح الصلاة وبين غيره ولا بين السهو والعمد منه فهي عامة في الجميع* فإن قيل النهى عن الكلام في الصلاة* مقصور على العامد دون الناسي لاستحالة نهى الناسي* قيل له حكم النهى قد يجوز أن يتعلق على الناسي كهو على العامد وإنما يختلفان في المأثم واستحقاق الوعيد فأما في الأحكام التي هي فساد الصلاة وإيجاب قضائها فلا يختلفان ألا ترى أن الناسي بالأكل والحدث والجماع في الصلاة في حكم العامد فيما يتعلق عليه من أحكام هذه الأفعال من إيجاب القضاء وإفساد الصلاة وإن كانا مختلفين في حكم المأثم واستحقاق الوعيد وإذا كان ذلك على ما وصفنا كان حكم النهى فيما يقتضيه من إيجاب القضاء معلقا بالناسي كهو بالعامد لا فرق