فلا تفسد به الصلاة ولم يتناوله الخبر وإنما أفسدنا به الصلاة إذا تعمد لا من حيث كان من كلام الناس المحظور في الصلاة ولكن من جهة أنه مسنون للخروج من الصلاة فإذا عمد له فقد قصد الوجه المسنون له فقطع صلاته وأيضا لما كان من شرط الصلاة الشرعية ترك الكلام فيها ومتى تعمد الكلام لم تكن صلاة عند الجميع إذا لم يقصد به إلى إصلاحها وجب أن يكون وجود الكلام فيها مخرجا لها من أن تكون صلاة شرعية كالطهارة لما كانت من شرطها لم يختلف حكمها في ترك الطهارة سهوا أو عمدا وكذلك ترك القراءة والركوع والسجود وسائر فروضها لا يختلف حكم السهو والعمد فيها لأن الصلاة لما كانت اسما شرعيا وكان صحة هذا الاسم لها متعلقة بشرائطه متى عدمت زال الاسم وكان من شروطها ترك الكلام وجب أن يكون وجوده فيها يسلبها اسم الصلاة الشرعية ولم يكن فاعلا للصلاة فلم نجزه فإن ألزمونا على ذلك الصيام وما شرط فيه من ترك الأكل وتعلق الاسم الشرعي به ثم اختلف فيه حكم السهو والعمد فإنا نقول إن القياس فيهما سواء ولذلك قال أصحابنا لو لا الأثر لوجب أن لا يختلف فيه حكم الأكل سهوا أو عمدا وإذا سلموا القياس فقد استمرت العلة وصحت* قوله عز وجل (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) الآية ذكر الله تعالى في أول الخطاب الأمر بالصلاة والمحافظة عليها وذلك يدل على لزوم استيفاء فروضها والقيام بحدودها لاقتضاء ذكر المحافظة لها وأكد الصلاة الوسطى بإفرادها بالذكر لما بينا فيما سلف من فائدة ذكر التأكيد لها ثم عطف عليه قوله تعالى (وَقُومُوا لِلَّهِ قانِتِينَ) فاشتمل ذلك على لزوم السكوت والخشوع فيها وترك المشي والعمل فيها وذلك في حال الأمن والطمأنينة ثم عطف عليه حال الخوف وأمر بفعلها على الأحوال كلها ولم يرخص في تركها لأجل الخوف فقال تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجالاً أَوْ رُكْباناً) قوله فرجالا جمع راجل لأنك تقول راجل ورجال كتاجر وتجار وصاحب وصحاب وقائم وقيام وأمر بفعلها في حال الخوف راجلا ولم يعذب في تركها كما أمر المريض بفعلها على الحال التي يمكنه فعلها من قيام وقعود وعلى جنب وأمره بفعل الصلاة راكبا في حال الخوف إباحة لفعلها بالإيماء لأن الراكب إنما يصلى بالإيماء لا يفعل فيها قياما ولا ركوعا ولا سجودا وقد روى عن ابن عمر في صلاة الخوف قال فإن كان خوفا أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم وركبانا مستقبلي القبلة وغير مستقبليها قال نافع