فضة عن الجياد في رأس مال السلم وثمن الصرف اللذين لا يجوز أن يأخذ عنهما غيرهما ودل على أن حكم الردى في ذلك حكم الجيد وهذا يدل أيضا على جواز بيع الفضة الجيدة بالردية وزنا بوزن لأن ما جاز اقتضاء بعضه عن بعض جاز بيعه به ويدل على أن قول النبي صلّى الله عليه وسلّم الذهب بالذهب مثلا بمثل إنما أراد المماثلة في الوزن لا في الصفة وكذلك سائر ما ذكره معه ويدل على جواز اقتضاء الجيد عن الردى برضا الغريم كما جاز اقتضاء الردى عن الجيد إذ لم يكن لاختلافهما في الصفة حكم وقد روى عن النبي صلّى الله عليه وسلّم خيركم أحسنكم قضاء قال جابر بن عبد الله قضانى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وزادني وروى عن ابن عمر والحسن وسعيد بن المسيب وإبراهيم والشعبي قالوا لا بأس إذا أقرضه دراهم سودا أن يقبضه بيضا إذا لم يشرط ذلك عليه وروى سليمان التيمي عن أبى عثمان النهدي عن ابن مسعود أنه كان يكره إذا أقرض دراهم أن يأخذ خيرا منها وهذا ليس فيه دلالة على أنه كرهه إذا رضى المستقرض وإنما لا يجوز له أن يأخذ خيرا منها إذا لم يرض صاحبه قوله تعالى (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) قد قيل إن الفحشاء تقع على وجوه والمراد بها في هذا الموضع البخل والعرب تسمى البخيل فاحشا والبخل فحشا قال الشاعر :
أرى الموت يعتام الكرام ويصطف |
|
عقيلة مال الفاحش المتشدد |
يعنى مال البخيل وفي هذه الآية ذم البخيل والبخل* وقوله عز وجل (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ الآية روى عن ابن عباس أنه قال هذا في صدقة التطوع فأما في الفريضة فإظهارها أفضل لئلا تلحقه تهمة وعن الحسن ويزيد بن أبى حبيب وقتادة الإخفاء في جميع الصدقات أفضل وقد مدح الله تعالى على إظهار الصدقة كما مدح على اخفائها في قوله تعالى (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وجائز أن يكون قوله تعالى (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) في صدقة التطوع على ما روى عن ابن عباس وجائز أن يكون في جميع الصدقات الموكول أداؤها إلى أربابها من نفل أو فرض دون ما كان منها أخذه إلى الإمام إلا أن عموم اللفظ يقتضى جميعها لأن الألف واللام هنا للجنس فهي شاملة لجميعها* وهذا يدل على أن جميع الصدقات مصروفة إلى الفقراء وأنها إنما تستحق بالفقر لا غير وأن ما ذكر الله تعالى من أصناف من تصرف إليهم الصدقة في قوله تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ إنما
«١٢ ـ أحكام في»