عنه وروى عمرو بن عبيد عن الحسن قال لا تجوز شهادة الأعمى بحال وروى عن أشعث مثله إلا أنه قال إلا أن تكون في شيء رآه قبل أن يذهب بصره وروى ابن لهيعة عن أبى طعمة عن سعيد بن جبير قال لا تجوز شهادة الأعمى وحدثنا عبد الرحمن بن سيما قال حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثني أبى قال حدثني حجاج بن جبير بن حازم عن قتادة قال شهد أعمى عند إياس بن معاوية على شهادة فقال له إياس لا نرد شهادتك إلا أن لا تكون عدلا ولكنك أعمى لا تبصر قال فلم يقبلها وقال أبو يوسف وابن أبى ليلى والشافعى إذا علمه قبل العمى جازت وما علمه في حال العمى لم تجز وقال شريح والشعبي شهادة الأعمى جائزة وقال مالك والليث بن سعد شهادة الأعمى جائزة وإن علمه في حال العمى إذا عرف الصوت في الطلاق والإقرار ونحوه وإن شهد على زنا أو حد القذف لم تقبل شهادته والدليل على بطلان شهادة الأعمى ما حدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا عبد الله بن محمد ابن ميمون البلخي الحافظ قال حدثنا يحيى بن موسى يعرف (١) بخت قال حدثنا محمد بن سليمان بن مسمول قال حدثنا عبد الله بن سلمة بن وهرام عن أبيه عن طاوس عن ابن عباس قال سئل صلّى الله عليه وسلّم عن الشهادة فقال ترى هذه الشمس فاشهد وإلا فدع فجعل من شرط صحة الشهادة معاينة الشاهد لما شهد به والأعمى لا يعاين المشهود عليه فلا تجوز شهادته ومن جهة أخرى أن الأعمى يشهد بالاستدلال فلا تصح شهادته ألا ترى أن الصوت قد يشبه الصوت وإن المتكلم قد يحاكى صوت غيره ونغمته حتى لا يغادر منها شيئا ولا يشك سامعه إذا كان بينه وبينه حجاب أنه المحكي صوته فغير جائز قبول شهادته على الصوت إذ لا يرجع منه إلى يقين وإنما يبنى أمره على غالب الظن* وأيضا فإن الشاهد مأخوذ عليه بأن يأتى بلفظ الشهادة ولو عبر بلفظ غير لفظ الشهادة بأن يقول أعلم أو أتيقن لم تقبل شهادته فعلمت أنها حين كانت مخصوصة بهذا اللفظ وهذا اللفظ يقتضى مشاهدة المشهود به ومعاينته فلم تجز شهادة من خرج من هذا الحد وشهد عن غير معاينة* فإن قال قائل يجوز للأعمى إقدامه على وطء امرأته إذا عرف صوتها فعلمنا أنه يقين ليس بشك إذ غير جائز لأحد الإقدام على الوطء بالشك قيل له يجوز له الإقدام على وطء امرأته بغالب الظن بأن زفت إليه امرأة وقيل له هذه امرأتك وهو لا يعرفها يحل له وطؤها
__________________
(١) قوله «خت» بفتح الخاء المعجمة وتشديد التاء المثناة علم على يحيى بن موسى أحد أشياخ البخاري.