يكون مثله حيضا إذا رأته في أيامها فالحيض اسم لدم يفيد في الشرع تعلق هذه الأحكام به إذا كان له مقدار ما والنفاس والحيض فيما يتعلق بهما من تحريم الصلاة والصوم وجماع الزوج واجتناب ما يجتنبه الحائض سواء وإنما يختلفان من وجهين أحدهما أن مقدار مدة الحيض ليس هو مقدار مدة النفاس والثاني أن النفاس لا تأثير له في انقضاء العدة ولا في البلوغ* وكان أبو الحسن يحد الحيض بأنه الدم الخارج من الرحم الذي تكون به المرأة بالغة في ابتدائه بها وما تعتاده النساء في الوقت بعد الوقت وإنما أراد بذلك عندنا أن تكون بالغة في ابتدائه بها إذا لم يكن قد تقدم بلوغها قبل ذلك من جهة السن أو الاحتلام أو الإنزال عند الجماع فأما إذا تقدم بلوغها قبل ذلك بما وصفنا ثم رأت دما فهو حيض إذا رأته مقدار مدة الحيض وإن لم تصر بالغة في ابتدائه بها* وقد اختلف الفقهاء في مقدار مدة الحيض فقال أصحابنا أقل مدة الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة وهو قول سفيان الثوري وهو المشهور عن أصحابنا جميعا وقد روى عن أبى يوسف ومحمد إذا كان يومين وأكثر اليوم الثالث فهو حيض والمشهور عن محمد مثل قول أبى حنيفة وقال مالك لا وقت لقليل الحيض ولا لكثيرة وحكى عبد الرحمن بن مهدى عن مالك أنه كان يرى أن أكثر الحيض خمسة عشر يوما حدثنا عبد الله بن جعفر بن فارس قال حدثنا هارون ابن سليمان الجزار قال حدثنا عبد الرحمن بن مهدى بذلك وقال الشافعى أقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر يوما وروى عبد الرحمن بن مهدى عن حماد بن سلمة عن على بن ثابت عن محمد بن زيد عن سعيد بن جبير قال الحيض إلى ثلاثة عشر فإذا زادت فهي استحاضة وقال عطاء إذا زادت على خمسة عشر فهي استحاضة وقد كان أبو حنيفة يقول بقول عطاء إن أقل الحيض يوم وليلة وأكثره خمسة عشر ثم رجع عنه إلى ما ذكرنا* ومما يحتج به للقائلين بأن أقله ثلاثة أيام وأكثره عشرة حديث القاسم عن أبى أمامة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة فإن صح هذا الحديث فلا معدل عنه لأحد ويدل عليه أيضا حديث عثمان بن أبى العاص الثقفي وأنس بن مالك أنهما قالا الحيض ثلاثة أيام أربعة أيام إلى عشرة أيام وما زاد فهو استحاضة ويدل ذلك على ما وصفنا من وجهين أحدهما أن القول إذا ظهر عن جماعة من الصحابة واستفاض ولم يوجد له منهم مخالف فهو إجماع وحجة على من بعدهم وقد روى ما وصفنا عن هذين الصحابيين من غير خلاف