يكن فهذا يدل على أن قوله لا يغلق الرهن ينصرف على وجهين أحدهما إن كان قائما بعينه لم يستحقه المرتهن بالدين عند مضى الأجل والثاني عند الهلاك لا يذهب بغير شيء وأما قوله له غنمه وعليه غرمه فقد بينا أنه من قول سعيد بن المسيب أدرجه في الحديث بعض الرواة وفصله بعضهم وبين أنه من قوله وليس عن النبي صلّى الله عليه وسلّم وأما ما تأوله الشافعى من أن له زيادته وعليه نقصانه فإنه تأويل خارج عن أقاويل الفقهاء خطأ في اللغة وذلك لأن الغرم في أصل اللغة هو اللزوم قال الله تعالى (إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً) يعنى ثابتا لازما والغريم الذي قد لزمه الدين ويسمى به أيضا الذي له الدين لأن له اللزوم والمطالبة وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يستعيذ بالله من المأثم والمغرم فقيل له في ذلك فقال إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف فجعل الغرم هو لزوم المطالبة له من قبل الآدمي وفي حديث قبيصة بن المخارق أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال إن المسألة لا تحل إلا من ثلاث فقر مدقع أو غرم مفظع أو دم موجع وقال تعالى (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ) ـ إلى قوله ـ (وَالْغارِمِينَ) وهم المدينون وقال تعالى (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) يعنى ملزمون مطالبون بديوننا فهذا أصل الغرم في أصل اللغة وحدثنا أبو عمر غلام ثعلب عن ثعلب عن ابن الأعرابى في معنى الغرم قال أبو عمر أخطأ من قال إن هلاك المال ونقصانه يسمى غرما لأن الفقير الذي ذهب ماله لا يسمى غريما وإنما الغريم من توجهت عليه المطالبة للآدمي بدين وإذا كان كذلك فتأويل من تأوله وعليه غرمه أنه نقصانه خطأ وسعيد بن المسيب هو راوي الحديث وقد بينا أنه هو القائل له غنمه وعليه غرمه ولم يتأوله على ما قاله الشافعى لأن من مذهبه ضمان الرهن وذكر عبد الرحمن بن أبى الزناد في كتاب السبعة عن أبيه عن سعيد بن المسيب وعروة والقاسم بن محمد وأبى بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وعبيد الله بن عبيد الله وغيرهم أنهم قالوا الرهن بما فيه إذا هلك وعميت قيمته ويرفع ذلك منهم الثقة إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وقد ثبت أن من مذهب سعيد بن المسيب ضمان الرهن فكيف يجوز أن يتأول متأول قوله وعليه غرمه على نفى الضمان فإن كان ذلك رواية عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فالواجب على مذهب الشافعى أن يقضى بتأويل الراوي على مراد النبي صلّى الله عليه وسلّم لأنه زعم أن الراوي للحديث أعلم بتأويله فجعل قول عمرو بن دينار في الشاهد واليمين أنه في الأموال حجة في أن لا يقضى في غير الأموال وقضى بقول ابن جريج في حديث القلتين أنه بقلال