كان أيامها دون العشر فانقطع دمها بما وصفنا من قبل أنه جائز أن يعاودها الدم فيكون حيضا إذ ليس كل طهر تراه المرأة يكون طهرا صحيحا لأن الحائض ترى الدم سائلا مرة ومنقطعا مرة فليس في انقطاعه في وقت يجوز أن يكون حائضا فيه وقوع الحكم بزوال الحيض فقالوا إن انقطاع الدم فيمن وصفنا حالها معتبر بأحد شيئين إما بالاغتسال فيزول عنها حكم الحيض بالاتفاق وباستباحتها الصلاة وذلك ينافي حكم الحيض أو بمضى وقت صلاة فيلزمها فرض الصلاة ولزوم فرضها مناف لبقاء حكم الحيض إذ غير جائز أن يلزم الحائض فرض الصلاة فإذا انتفى حكم الحيض وثبت حكم الطهر ولم يبق إلا الاغتسال لم يمنع الوطء بمنزلة امرأة جنب جائز لزوجها وطؤها وعلى هذا المعنى عندنا ما روى عن الصحابة في اعتبار الاغتسال في انقضاء العدة وقد روى عيسى الخياط عن الشعبي عن ثلاثة عشر رجلا من الصحابة الخبر فالخبر منهم أبو بكر وعمر وابن مسعود وابن عباس قالوا الرجل أحق بامرأته ما لم تغتسل من حيضتها الثالثة وروى مثله عن على وعبادة بن الصامت وأبى الدرداء وأما إذا كانت أيامها عشرة فإنه غير جائز عندنا وجود الحيض بعد العشرة فوجب الحكم بانقضائه لامتناع جواز بقاء حكمه والله تعالى إنما منع من وطء الحائض أو ممن يجوز أن يكون حائضا فأما مع ارتفاع حكم الحيض وزواله فهو غير ممنوع من وطء زوجته لأنه تعالى قال (فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) وقد طهرت لا محالة ألا ترى أنها منقضية العدة إن كانت معتدة وأن حكمها حكم سائر الطاهرات ولا تأثير لوجوب الاغتسال عليها في منع وطئها على ما بيناه* فإن قيل إذا انقطع دمها فيما دون العشرة فقد وجب عليها الغسل ولزوم الغسل ينافي بقاء حكم الحيض إذ غير جائز لزوم الغسل على الحائض كما قلت في لزوم فرض الصلاة* قيل له إذا كان الغسل من موجبات الحيض فلزومه غير مناف لحكمه وبقائه ألا ترى أن السلام لما كان من موجبات تحريمة الصلاة لم يكن لزومه بانتهائه إلى آخرها نافيا لبقاء حكمها وكذلك الحلق لما كانت من موجبات الإحرام لم يكن لزومه نافيا لبقاء إحرامه ما لم يحلق كذلك الغسل لما كان من موجبات الحيض لم يكن وجوبه عليها مانعا من بقاء حكم الحيض وأما الصلاة فليست من موجبات الحيض وإنما هو حكم آخر يختص لزومه بالطاهر من النساء دون الحائض ففي لزومها نفى لحكم الحيض وقوله (حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذا تَطَهَّرْنَ) لما احتمل