حكم تربص الإيلاء من وجوه أحدها أنا لو وقفنا المولى لحصل التربص أكثر من أربعة أشهر وذلك خلاف الكتاب ولو غاب المولى عن امرأته سنة أو سنتين ولم ترفعه المرأة ولم تطالب بحقها لكان التربص غير مقدور بوقت وذلك خلاف الكتاب والوجه الثاني أنه لما كانت البينونة واقعة بمضى المدة في تربص الإقراء وجب مثله في الإيلاء والمعنى الجامع بينهما ذكر التربص في كل واحدة من المدتين والوجه الثالث أن كل واحدة من المدتين واجبة عن قوله وتعلق بها حكم البينونة فلما تعلقت في إحداهما بمضيها كانت الأخرى مثلها للمعنى الذي ذكرناه* فإن قيل تأجيل العنين حولا بالاتفاق تخيير امرأته بعد مضى الحول إذا لم يصل إليها في الحول ولم يوجب ذلك زيادة في الأجل كذلك ما ذكرت من حكم الإيلاء إيجاب الوقف بعد المدة لا يوجب زيادة فيها قيل له ليس في الكتاب ولا في السنة تقدير أجل العنين وإنما أخذ حكمه من قول السلف والذين قالوا إنه يؤجل حولا هم الذين خيروها بمضيه قبل الوصول إليها ولم يوقعوا الطلاق قبل مضى المدة ومدة الإيلاء مقدرة بالكتاب من غير ذكر التخيير معها فالزائد فيها مخالف لحكمه وأيضا فإن أجل العنين إنما يوجب لها الخيار بمضيه وأجل المولى عندك إنما يوجب عليه الفيء فإن قال أفىء لم يفرق بينهما ولو قال العنين أنا أجامعها بعد ذلك لم يلتفت إلى قوله وفرق بينهما باختيارها فإن قيل لما لم يكن الإيلاء بصريح الطلاق ولا كناية عنه فالواجب أن لا يقع الطلاق* قيل له وليس اللعان بصريح الطلاق ولا كناية عنه فيجب على قول المخالف أن لا توقع الفرقة حتى يفرق الحاكم ولا يلزمنا على أصلنا لأن الإيلاء يجوز أن يكون كناية عن الفرقة إذ كان قوله لا أقربك يشبه كناية الطلاق ولما كان أضعف أمرا من غيرها فلا يقع به الطلاق إلا بانضمام أمر آخر إليه وهو مضى المدة على النحو الذي يقوله إذ قد وجدنا من الكنايات ما لا يقع فيه الطلاق بقول الزوج إلا بانضمام معنى آخر إليه وهو قول الزوج لامرأته قد خيرتك وقوله أمرك بيدك فلا يقع الطلاق فيه إلا باختيارها فكذلك لا يمتنع أن يقال في الإيلاء أنه كناية إلا أنه أضعف حالا من سائر الكنايات فلا يقع فيه الطلاق باللفظ دون انضمام معنى آخر إليه فأما اللعان فلا دلالة فيه على معنى الكنايات لأن قذفه إياها بالزنا وتلاعنهما لا يصلح أن يكون عبارة عن البينونة بحال وأيضا فإن اللعان مخالف للإيلاء من جهة أن حكمه لا يثبت إلا عند الحاكم