يجاوره لم يسم به فدل ذلك على أنه مجاز في الطهر حقيقة في الحيض ومما يدل على أن المراد الحيض دون الطهر أنه لما كان اللفظ محتملا للمعنيين واتفقت الأمة على أن المراد أحدهما فلو أنهما تساويا في الاحتمال لكان الحيض أولاها وذلك لأن لغة النبي صلّى الله عليه وسلّم وردت بالحيض دون الطهر بقوله المستحاضة تدع الصلاة أيام إقرائها وقال لفاطمة بنت أبى حبيش فإذا أقبل قرؤك فدعى الصلاة وإذا أدبر فاغتسلي وصلى ما بين القرء إلى القرء فكان لغة النبي صلّى الله عليه وسلّم أن القرء الحيض فوجب أن لا يكون معنى الآية إلا محمولا عليه لأن القرآن لا محالة نزل بلغته صلّى الله عليه وسلّم وهو المبين عن الله عز وجل مراد الألفاظ المحتملة للمعاني ولم يرد لغته بالطهر فكان حمله على الحيض أولى منه على الطهر ويدل عليه ما حدثنا محمد بن بكر البصري قال حدثنا أبو داود قال حدثنا محمد بن مسعود قال حدثنا أبو عاصم عن ابن جريج عن مظاهر بن أسلم عن القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال (طلاق الأمة ثنتان وقرؤها حيضتان) قال أبو عاصم فحدثني مظاهر قال حدثني به القاسم عن عائشة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مثله إلا أنه قال وعدتها حيضتان وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال حدثنا محمد ابن شاذان قال حدثنا معلى قال حدثنا عمر بن شبيب عن عبد الله بن عيسى عن عطية عن ابن عمر عن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال تطليق الأمة تطليقتان وعدتها حيضتان فنص على الحيضتين في عدة الأمة وذلك خلاف قول مخالفينا لأنهم يزعمون أن عدتها طهران ولا يستوعبون لها حيضتين وإذا ثبت أن عدة الأمة حيضتان كانت عدة الحرة ثلاث حيض وهذان الحديثان وإن كان ورودهما من طريق الآحاد فقد اتفق أهل العلم على استعمالها في أن عدة الأمة على النصف من عدة الحرة فأوجب ذلك صحته* ويدل عليه أيضا حديث أبى سعيد الخدري عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه قال في سبايا أوطاس لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تستبرئ بحيضة ومعلوم أن أصل العدة موضوع للاستبراء فلما جعل النبي صلّى الله عليه وسلّم استبراء الأمة بالحيضة دون الطهر وجب أن تكون العدة بالحيض دون الطهر إذ كل واحد منهما موضوع في الأصل للاستبراء أو لمعرفة براءة الرحم من الحبل وإن كان قد تجب العدة على الصغيرة والآيسة لأن الأصل للاستبراء ثم حمل عليه غيره من الآيسة والصغيرة لئلا يترخص في التي قاربت البلوغ وفي الكبيرة التي قد يجوز أن تحيض وترى الدم بترك العدة فأوجب على الجميع العدة احتياطا للاستبراء الذي ذكرنا* ويدل عليه